هي الجموع الغفيرة من المتوافدين للقائهما، والأعداد المهولة من المتواجدين في المطار لمصافحتهما، والعيون الملأى بدموع الفرح تتطلع صوب شاشات التلفاز التي تنقل لحظة بلحظة صور تلاحم قادة هذا البلد يلتقون عند باب الطائرة في أبهى أمثلة التلاحم والتعاضد والقرب بين أفراد الأسرة الواحدة، والقلوب جميعها المتشربة بحبهما من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، من يمكن لها كلها أن ترسم لنا الصورة الواضحة وتكمل لنا فصول حكاية محبتنا لمن اشتقنا لهما كثيراً؛ حكاية عشق بدأت قديماً مستمدة من عشق هذا الوطن ورجاله وعشق ترابه وأجوائه وتفاصيله ومطرزة بالولاء لقادته وصُنّاع إنجازاته وبذل الغالي والنفيس في حمايته والذود عنه والذهاب إلى أقصى مدى في الحفاظ على إنجازاته.
هي لحظة ذهاب خادم الحرمين الشريفين إلى باب الطائرة للقاء أخيه، والابتسامة التي لم تفارق أبداً وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز منذ عرفناه، ومشاهدة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يقف جنباً إلى جنب أخيه، والفرحة في عيني صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، التي يمكن لها أن تشرح للقاصي والداني سرّاً من أسرار صلابة اللُحمة وقوة شوكة الوطن ومناعته ضد أي طامع أو مختل عقل.
هي في كلمات الشكر الصادقة التي قدمها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد عودته لكل من سأل عنه، وفي تهنئته الضافية لكل من استحق التقدير على جليل أعماله، وفي كلمات المواساة لأسر الشهداء في فاجعة جدة التي تعكس آلامه التي يشعر بها نتيجة ما حدث، وفي رسالة المصارحة بخصوص القلق الناتج عما تمر به المنطقة، وفي التأكيد على الخطوط العريضة لمشروع بناء الوطن المستمر منذ تأسيسه، وفي التشديد على أن المواطن كان ولايزال وسيظل محور الاهتمام وبؤرة الرعاية، نجد فيها كلها جانباً من الشخصية التي وضعت صاحب السمو الملكي الأمير سلطان في منزلته هذه بيننا جميعاً وجزءاً من ملامح التفرد التي أخذته إلى مستوى لا يمكن لأحد سواه أن يرتقي إليه.
هي في المشاعر التي تختلج بها أفئدة الشعب، صغيره وكبيره، من سمع بالعودة عبر المذياع ومن شاهد تفاصيل معانقة الوطن لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز عبر التلفاز، مشاعر الفرح والسعادة والامتنان إلى المولى العزيز أن تكحلت عينا الوطن برؤيتهما وأن لامست أرض الوطن الطائرة التي تقلهما، وأن تحققت دعوات الجميع من أبناء الوطن في ليلة الجمعة المباركة بعودتهما.
في كل ذلك تجتمع الخصائص المتفردة لهذا الوطن، وفي كل ذلك يتبدى للقاصي والداني سرٌ من أسرار مجد هذا الوطن، وفي كل ذلك يتبين لمن رغب معالم الطريق الذي سار عليه هذا الوطن دوماً شامخاً لا يحول دون وصوله إلى مبتغاه عبثُ عابث أو انتكاسة مختل.
في سلطان وفي سلمان نرى أزهى صور الوطن، في سلطان وفي سلمان نعانق غمام السحاب وننتشي بمائه؛ في سلطان وفي سلمان نحلم ليلاً بتحقيق رغبة ما وتلبية حاجة ما فيأتينا الصبح بوجه سلطان ووجه سلمان يضعان الأحلام بين أيدينا حقيقة، في سلطان وفي سلمان تكون الكلمات أعجز ما تكون عن وصفهما وأقصر من أن تلامس حدود تفردهما وأزهى ما تكون بالحديث عنهما.
أصبحنا وقد أصبح سلطان بيننا؛ أصبحنا وقد أصبح سلمان معنا! ألسنا أكثر خلق الله سعادةً أن كان ما يحلم به كل إنسان بين أيدينا؟!.
د. عبدالعزيز عبدالرحمن أبانمي
abanom@hotmail.com