تتبعثر الكلمات، وتختلط الحروف، وتضيع العبارات، وتقف الجمل حائرة هائمة تبحث عمن يرتبها... لكنها عبثاً لا تجد من يقدر على ترتيبها وجمعها فقد شتتها شدة الفرح، وبعثرتها فرحة السعادة بخبر قدوم سلطان الخير ولي العهد، صاحب الأيادي البيضاء والقلب المحب لكل مسكين ومحتاج، ولكل يتيم وضعيف ومريض تضج الحروف، وتصرخ الكلمات، وتغني العبارات، وتصدح الجمل بأغنية الفرح وفاء وسعادة، بعودة سلطان الخير وحبيب الشعب إلى موطنه ووطنه الأم بعد غياب طويل، وترتفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير شاكرة حامدة الله له أن منَّ على سموه بعودة ميمونة، وعافية ضافية وصحة طيبة أبهجت قلوب أبناء شعبه ومحبيه، كما بهجت قلوب أهله وذويه وأصدقائه ومرافقيه.
عام مر كألف عام في حساب المنتظرين لهذه العودة الميمونة، والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى لا ينقطع له بأن يمن الله عليه بالشفاء العاجل ويرده إلى وطنه وأهله وأحبته سالماً غانماً، وأن تكون أفعاله الخيرة وأياديه البيضاء التي مدت لكل محتاج له فأدخل الفرحة في قلب كل يتيم، وضعيف، ومسكين، وفرج كربة كل سجين، وأعتق رقاب الكثيرين من حد السيف فكتب الله لهم حياة جديدة، ومستقبلاً جديداً، وهداية وتوبة نصوحة بفضله بعد فضل الله ومنته، ولم تكف أياديه البيضاء، وتقف أعماله الخيرة، وإحسانه إلى المحتاجين لها حتى وهو في غربته حتى وهو في رحلة علاجه، فقد كانت مشاعره وأحاسيسه وإنسانيته تذكره بآلام الآخرين، وحاجتهم إلى من يمسح دموعهم، ويخفف آلامهم، ويهون عليهم مصائبهم، ويحل لهم مشاكلهم، وعلى الرغم من أن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأبو الإنسانية لا تقف أياديه الكريمة المعطاءة عن مواساة كل محتاج، ولا تقف عن بذل ما في وسعه لإراحة كل فرد من أفراد شعبه، إلا أن من تعود على فعل الخير، والشعور بالرضى والسعادة التي تعود عليه من تقديم الخير لمن يحتاجه وفك ضيقة كل معسر، يظل حريصاً على ذلك حتى وهو يعاني المرض، ويقاسي غربة افتقاد الوطن، وهذا هو ولي العهد وسلطان الخير، فالله سبحانه وتعالى قد أكرمه وأكرم كل محبيه من قريب أو بعيد، بمنه عليه بالشفاء والعافية، وأدخل السرور في قلبه وقلب أبناء شعبه، كما أدخل السرور في قلب كل يتيم وضعيف ومعسر ومحتاج، وفرج الله كربة مرضه بعافيته وعودته لوطنه سالماً غانماً، كما فرج كربة كل سجين، وكل محكوم عليه بالقصاص، ففرج كربته، وعاد لأهله وأحبته بعد موت محقق، فمن فرج كربة عن مسلم فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن أدخل السرور على مسلم، أدخل الله عليه السرور.
الآن يا سلطان الخير، تترتب الكلمات، وتنتظم الحروف، وتعود العبارات، وتنسق الجمل، وتقف صفاً طويلاً مبدعاً، تشدو بأغنية الوفاء والولاء، وتهتف بنشيد التهنئة بعودتك سالماً، كما يقف جنودك البواسل رافعين أياديهم، مهنئين ومجددين العهد لخادم الحرمين الشريفين ولك ولسمو النائب الثاني حفظكم الله جميعاً، ونصركم على من يعاديكم، وأدام عزكم وعزنا بوجودكم.
ودعاءً خالصاً لكم من القلب بعمر مديد، وعمر طويل، وعز دائم، رغم الحاقدين والحاسدين والمخربين، ودام أمننا وعزنا بكم.