لم يكلف وزير الاتصالات وكذلك وزير الشؤون الاجتماعية نفسيهما بالإجابة عن أسئلة الصحفيين، عندما تمت دعوتهم للمؤتمر الصحفي المشترك بشأن الالتحاق ببرنامج (يسر). الوزيران -على ما يبدو- أرادا من المؤتمر ودعوة الصحفيين مجرد (الترزز) والتصوير ليس إلا، ليثبتا (للكبار) بأنهما - (حفظهما الله بعينه التي لا تنام) - يعملان، وأن (كل شيء تمام يا أفندم)؛ فالمهم، وغاية ما يطلبان، أن يتم تصويرهما وهما يوقعان على أوراق البرنامج، أما رضا الناس، أو عدم رضاهم، فتلك على ما يبدو آخر ما يفكران به.
وزير الاتصالات - كما نشر في جريدة الوطن - اكتفى بالقول: (سكتت شهرزاد عن الكلام المباح، وصاح الديك معلنا أن الصباح قد لاح) وترك القاعة ليسجل رقماً قياسياً في أقصر مؤتمر صحفي عقده وزير!؛ طيب - يا معالي الوزير - سؤالي: وما هو الكلام المباح الذي تفضل معاليكم بقوله في المؤتمر، وأنت أساساً لم تصرح ببنت شفة؟؛ ثم أي (ديك) وأي (صباح)، ونحن لم نر النور؛ بل التعتيم، والسرية، والسكوت، ومحاولة نسف شيء اسمه (الشفافية) على رؤوس الحاضرين، وكأن بينكما وبين الصحافة عداوة مستحكمة، وكراهية عميقة الجذور. أنتما (تخدمان) الناس، وتقومان بتأدية واجب، وتضطلعان بمسؤوليات، ومواطنو هذه البلاد هم المعنيون بخدمتكم ومن أجلهم تسنمتما منصبيكما، ولهم الحق كاملاً بطرح الأسئلة من خلال الصحافة والصحفيين، وعليكما الإجابة، لا (لطفاً ولا تكرماً) وإنما تأدية لواجب، واستجابة لمتطلبات منصبيكما. أن (تطنشا)، وعلى مرأى من الجميع، معنى ذلك أن آخر من يهمكما هو المواطن؛ (واللي ماهو عاجبه يطق براسه الجدار)!
المؤتمرات الصحفية ليست إطلاقاً لتلميع صورة معالي الوزير، وليست وسيلة تثبت أنه - (باسم الله عليه) - يعمل بلا كلل أو ملل في تنفيذ ما أسند إليه من مسؤوليات، وإنما هي أولاً وقبل كل شيء أداة للتواصل بين المواطن والمسؤول؛ فالمنصب الوزاري تكليف وأمانة، قبل أن يكون تشريفاً ومكانة.
وطالما أن وزير الاتصالات يهتم بالأدب على ما يبدو، ويعشق عالم الأساطير، ويقتفي أثر شهرزاد في حكايات (ألف ليلة وليلة)، ويستشهد بأقوالها، سأقص عليه في هذه العجالة قصة على طريقة قصص شهرزاد، أتمنى أن تعجب معاليه.
تقول الأسطورة: (كانت شهرزاد تلعب على الوقت. تشتري الغد بالوعد، وتهرب من المواجهة بالتأجيل، فما إن تنته من رواية إلا وبدأت في رواية أخرى؛ وهكذا دواليك. وهذه (الدواليك) كانت سر بقائها؛ ولسان حالها يقول: التأجيل خير من المواجهة، والتسويف حل من ليس لديه حلول؛ وهل لديّ غير التأجيل والتسويف؟.. وفجأة أصيبت شهرزاد بجلطة في الدماغ، فانعقد لسانها، وأصبحت قدرتها على الكلام متعذرة. فلم تجد شهرزاد إلا أن هربت من ورطتها بنفس الأسلوب. دعت إلى مؤتمر صحفي كل الصحفيين، وبعد أن اكتمل الجمع، وامتلأت القاعة بالصحافة والصحفيين، طلبت منهم أن يلتقطوا لها صوراً، وما إن انتهى المصورون من التقاط الصور، انفض المؤتمر، ولم تنبس شهرزاد ببنت شفة، لأنها أساساً غير قادرة على الكلام!؛ سكتت، وتركت الحفل على (أمل) أن تعود شهرزاد لهم يوماً ما بأسطورة جديدة)!
وكما يقولون: (إذا تورطت أجّل المواجهة والعب على الوعود)؛ وهذا ما فعلته شهرزاد مع شهريار ويفعله كثير من وزرائنا اليوم!
إلى اللقاء.