على الرغم من أننا نسمع كثيراً عن جمعية حماية المستهلك إلا أن حضورها غير فعال في المشهد الحياتي الاجتماعي، وإن حضر فهو ما زال ضئيلاً ومحدوداً وله نتاج غير مرضٍ وتأثيره غير ذي فائدة وله ضوء خافت. إننا بحاجة ماسة إلى الكثير من الأعمال المكثفة لهذه الجمعية من أجل تضييق الفارق الشاسع في المسافة بين الطرفين المجتمع والجمعية. فحضور الجمعية وتأثيرها في حماية المستهلك ما زال أسيراً للنظريات أكثر منه إلى الواقع، فضلاً عن افتقارها إلى الأدوات والخطط والبرامج المناسبة التي تمكنها من اختراق الحواجز والجدران التي تحيط بها وتمكنها من النفاذ إلى داخل العمق الشعبي والجماهيري، وكذلك العمق التجاري التي تستحوذ عليه قوى تجار تملك من الإمكانيات المادية والإعلامية ما يفوق ويتجاوز بكثير قدرات الجمعية العادية والبسيطة والتي لا تمكنها من التأثير القوي والمباشر عليهم. كما أن الآلية التي تتعامل بها الجمعية في كيفية حماية المستهلك ما زالت رقيقة تشبه العود اليابس القابل للكسر مما يحول وبقوة دون إمكانية إيجاد مقبول لدى أفراد المجتمع تجاهها، الذي بدوره يرى بأن هذه الجمعية مشغولة فقط بقضايا التنظير والسرد الإعلامي أكثر من انشغالها بمعالجة مشكلاته وهمومه اليومية مع الأسعار الخيالية لأكثر السلع الاستهلاكية والمعيشية والتي لا يجد فيها الفرد المواطن أو هكذا يخيل له أي دور ظاهر للجمعية فيه جاذبية باعتبارها كياناً تنظيمياً يتوجب عليها إيجاد الحلول السريعة وغير الآنية للمشكلات والهموم النمطية التي تتوالد وتتناسخ عبر الأيام. إن دور جمعية حماية المستهلك يكمن في الانخراط التام في تناول هموم ومعاناة الفرد المستهلك وتبني قضاياه والمدافعة عنها وكبح جماح الغلاء الجنوني لأغلب السلع الاستهلاكية، فإنه من المؤكد أن عوامل إضافية أخرى عديدة قد تسهم أيضاً في عمل هذه الجمعية وأدائها إذا أطّر لها وطرحت وفق هيئة رقابية لها أبعاد تنظيمية إستراتيجية على المدى القريب والبعيد قد تسهم في إنتاج العديد من الأعمال الناجحة وتملأ الفراغ الكبير التي تعاني منه الآن وتعمل على انحساره. إن الدور الفعال الذي يجب أن تمارسه جمعية حماية المستهلك هو تكثيف دورها الأرضي والإعلامي وتثقيف الناس وعدم تغييب هيبتها ودورها وعليها إعادة سياستها بما يتلاءم مع مصالح المستهلكين وتطلعاتهم. إن غياب الدور المتميز لهذه الجمعية والقصور في الوسائل والإمكانات أدى إلى بيان عجزها الواضح وتكشفه في مجابهة الطفح الكبير في الأسعار وعدم قدرتها على مزاحمة التجار وجيوشهم وسطوتهم البيعة في غياب عين الرقيب الحادة، إن دور الجمعية في التأثير ما زالت غير واضحة المعالم وغير مكتملة الملامح وهي بحاجة إلى الكثير من الأعمال والقفزات والركض المستمر النشيط والأدوات والوسائل والأساليب لكي تثبت وجودها وحقيقتها وهيبتها حتى تستعيد دورها المغيب ووجودها المكاني وأهميتها البالغة التي ما زالت غائبة وقاصرة، فضلاً عن ضرورة نزول الجمعية إلى الشارع بالشكل الذي يتناغم مع طبيعة عملها ويتماشى معه ولكن بشكل جديد ومتطور لأن في نزولها إلى الشارع معناه ارتباط مع الجمهور المستهلك والتعبير عن قضاياه بشكل جاد لأن التعبير عن قضاياه يمثل استحقاقاً مطلوباً وليس ترفاً، إن إيجاد مكانة مميزة لجمعية حماية المستهلك في مشهدنا الحياتي الآن ما زال بحاجة إلى الكثير من الأدوات والوسائل الإعلامية والمادية بالإضافة إلى جهد أفراد الجمعية نفسها وإمكانياتهم المادية والمعنوية. إن العلاقة بين الجمعية والمستهلك ما زالت تحكمها الكثير من الرواسب والعقد وهي بحاجة إلى إعادة بناء الثقة وإلى مراجعة طويلة تبدأ حالاً مع حرص كبير من الجمعية على الدنو والاقتراب من المواطن المستهلك والاتصال والالتصاق به بعيداً عن الترفع والعلو الذي لا مبرر له.
ramadanalanezi@hotmail.com