الرياض -الجزيرة
دشن صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار ظهر أمس السبت في مقر الهيئة بالرياض المرحلة الثالثة من «برنامج التربية السياحية المدرسية» (ابتسم) الذي تنظمه الهيئة بالتعاون مع الوزارة, منذ عام 1426هـ (2006م) وذلك ضمن برامج الهيئة في تنمية السياحة الوطنية التي تستهدفها الهيئة في أنشطتها المختلفة.
وتواصل الهيئة بالتعاون مع الوزارة تنفيذ البرنامج للعام الخامس بعد أن أنهى تدريب 151 ألف طالب حتى نهاية العام الدراسي الماضي 1429- 1430هـ، ويستهدف البرنامج هذا العام تدريب 112 ألفاً منهم 87 ألف طالب و25 ألف طالبة من المرحلتين المتوسطة والثانوية, وتتميز هذه المرحلة بتنفيذ البرنامج للطالبات للمرة الأولى.
وقد أكد سمو وزير التربية والعليم على أن هيئة السياحة أسهمت في برامج واضحة ومميزة لخدمة السائح المحلي الذي تستهدفه الهيئة في أنشطتها وبرامجها.
وقال سموه في تصريح صحفي إنه من خلال اطلاعه في زيارته للهيئة على برامجها وتوجهاتها القادمة رأى الجهد المميز فيما تقوم به الهيئة من برامج تستهدف السائح المحلي في جميع أنشطتها وتتوجه إليه, وأكد على التكامل المؤسسي بين قطاعات الدولة الذي يمثله التعاون القائم بين الوزارة والهيئة من خلال برنامج ابتسم وغيره من البرامج التي تعزز الهوية الإسلامية والثقافة العربية وتأصيلها في النشء الجديد من أجل التعرف على المناطق الأثرية والمواقع السياحية والمحافظة عليها والاستفادة الاقتصادية منها, ودعا الأمير فيصل إلى توسيع برنامج الشراكة ليشمل الكشافة ودورهم التطوعي المهم لتتكامل هذه المنظومة من الأنشطة الهادفة إلى ترسيخ ثقافة السياحة والتفاعل مع الأنشطة السياحية.
من جانبه أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على أن برنامج (ابتسم) هذا العام ينطلق بشكل أكثر تميزاً بعد الاستفادة من المراحل السابقة, من حيث زيادة المواد المتعلقة بالتوعية والتعريف بالآثار والتراث العمراني في الحقيبة التدريبية والرحلات التعريفية, بالإضافة إلى زيادة وتنوع المواد التي تحويها حقيبة البرنامج, كما أن هذا العام شهد انضمام الطالبات لهذا البرنامج بعد مراحل تأهيلية وتدريبية للمشرفات عليه من وزارة التربية والتعليم.
وأعرب سموه في تصريح صحفي عن شكره وتقديره لسمو وزير التربية والتعليم ونوابه ولجميع مسئولي الوزارة على دعمهم واهتمامهم بهذا البرنامج الذي يعد أحد ثمرات الشراكة المتميزة بين الوزارة والهيئة, منوهاً باهتمام سموه بتعزيز برامج الشراكة والتعاون مع الهيئة في العديد من المجالات.
وأبان سموه أن برنامج ابتسم هذا العام سيسهم في تعزيز الجهود التي تقوم بها الهيئة بالتعاون مع الوزارة في ترسيخ الوعي لدى الطلبة بأهمية الآثار والتراث العمراني, وما تحمله من قيمة تاريخية وما تمثله من بعد حضاري, وقال: «نستهدف من خلال البرنامج إلى إيجاد جيل واعٍ بأهمية السياحة وقيمة الآثار, جيل يتفاعل مع السياحة وينميها, ويحمي الآثار ويقدر أهميتها, ويستفيد اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً من السياحة والآثار والتراث العمراني, لافتاً إلى أن الهيئة بدأت مع الوزارة لتفعيل جوانب زيارة الطلاب للمواقع التراثية والأثرية. وكان سمو وزير التربية والتعليم وسمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار قد شاهدا في بداية الاحتفال فيلماً عن برنامج ابتسم، ثم ألقى صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم كلمة أكد خلالها على أن الوزارة تولي جانب السياحة اهتماماً نوعياً انطلاقاً من أبعاده الوطنية والاقتصادية من خلال بعض المقررات الدراسية في مراحل التعليم العام. وقال سموه إن الوزارة تتجه لمنح هذا المجال عناية أكبر في المستقبل من خلال مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم (تطوير) علاوة على الشراكة مع مؤسسات المجتمع وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار عبر مشروع (ابتسم) الذي انطلق قبل خمس سنوات بعد توقيع مذكرة التعاون بين الجهتين.
وتطلع سموه إلى أن يحقق هذا البرنامج أهدافه المرجوة -بإذن الله- وفي مقدمتها إعداد الأجيال المقبلة لحمل قيم سياحية إيجابية تنشر الثقافة السياحية بمفهومها التربوي، وتبنيها في المجتمع عبر توضيح المفاهيم والاتجاهات واكتساب المهارات اللازمة من خلال مواقف تربوية وتعليمية تستثمر الأنشطة والمرافق السياحية لتعريف الطلاب بالمعالم الحضارية والتاريخية التي تنمي الحس الوطني والاعتزاز بالتاريخ والأرض، وتعلي من شأن المسئولية الفردية للمحافظة على المواقع السياحية والمكتسبات العامة، إضافة إلى تفهم الطلاب للآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسياحة بما يساعد أيضاً على تحفيزهم للعمل في هذا المجال وتقدير العاملين فيه.
وأشار سموه إلى أن النجاح الذي تحقق للبرنامج في مرحلتيه السابقتين أمراً يبعث على التفاؤل فقد أثمرت الشراكة القوية بين الهيئة والوزارة في وصول البرنامج إلى مرحلة جديدة تستهدف تدريب 87 ألف طالب لينضموا إلى أكثر من 150 ألف طالب الذين أنهوا تدريبهم فيما مضى وكان لهذه الجهود المخلصة والجادة أثرها البارز في حصول البرنامج على جائزة (أوليسيس 2008م) للإبداع السياحي التي تقدم المشروعات الرائدة. وأضاف سمو وزير التربية والتعليم بقوله: «اطلعت على مراحل الخطة التنفيذية للتدريب في المرحلة الحالية للمشروع وكان من الواضح حجم الجهود المبذولة والرغبة الأكيدة في الاستفادة من التجارب الماضية لتعزيز الإيجابيات وتلافي جوانب النقص انطلاقاً من رغبتنا جميعاً في تأصيل أوجه التكامل بين القطاعين. وقد سعدت بما نقله لي الإخوة في النشاط الطلابي بالوزارة حول تفاعل الطلاب ورغبتهم في الاستفادة من البرنامج قياساً بالدور المتوقع منه، بعد أن أضحت السياحة اليوم صناعة قائمة بذاتها ذات قيمة اقتصادية هائلة تعتمد عليها كثير من اقتصاديات العالم المعرفي الناشئ».
ووجه سموه في ختام كلمته شكره وتقديره لكل من أسهم في نجاح هذا المشروع من منسوبي الهيئة والعاملين في الميدان التربوي من منسقين ومدربين وطلاب على إسهاماتهم المتميزة التي كان لها أطيب الأثر في نجاح وتميز البرنامج وعرض مفرداته بأسلوب محبب وممتع يحقق الأهداف المرسومة له بإذن الله، ثم ألقى سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار كلمة أكد فيها على أهمية ما يشهده التعليم من تطوير بدعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، لمواكبة ما تشهده المملكة من تطور في جميع المجالات, مشيراً إلى أهمية دور التعليم في مواكبة المكانة الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية للمملكة من خلال إبراز هذه الأبعاد الأربعة في العملية التعليمية. وقال: هذه البلاد تخطو الآن خطوات كبيرة في صنع المستقبل، والمملكة اليوم أصبحت دولة لها موقعها الديني والاقتصادي والسياسي الكبير، وأيضاً موقعها الحضاري لما تزخر به من مقومات حضارية كبيرة ما زالت غير مخدومة وغير ظاهرة وبخاصة للمواطنين، ولذلك دور التعليم أصبح اليوم مهماً في هذا البلد الذي بات اليوم يشارك في المنتديات والمحافل الدولية التي تعنى بصناعة المستقبل للإنسانية جمعاء، وبهذه النظرة الثاقبة بعيدة المدى والقيادة الحكيمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- ويعينه سمو سيدي ولي العهد الأمين، نشهد اليوم تطويراً كبيراً لعملية التعليم حتى يتزامن مع تطور الوطن تطوير المواطن ليعكس هوية بلد الحرمين ودوره في خدمة الإسلام والمسلمين وليرتقي سلم الحضارة في جميع أبعادها، في مجالات التعليم والعلم والطب ومجالات الصناعة والاقتصاد، ولذلك حقيقة كنت من أسعد الناس عندما سمعت خبر تكليف سموه بوزارة التربية والتعليم, وهو ليس تعييناً بقدر ما هو تكليف لمهمة خطيرة وكبيرة جداً للتصدي لمراحل تطوير التعليم.
وأشار سموه إلى أن برنامج «ابتسم» يعتبر مساهمة من الهيئة في التربية الوطنية من خلال تعرفهم على ما تكتنزه من مقومات, كما يأتي امتداداً لدعم جهود الوزارة في تطوير التعليم، انطلاقاً من أن قطاع السياحة والآثار والتراث العمراني اليوم هو قطاع اقتصادي كبير جداً، وسيكون أحد أهم ثلاثة قطاعات مولّدة لفرص العمل للمواطنين في المملكة، مؤكداً على أن دور الهيئة يعتبر مكمّلاً ومعززاً ورديفاً لدور الوزارة في تمكين المواطن من التعرف على بلده, وقال «الأجيال القادمة التي تتعلم اليوم في الداخل والخارج لتعيش وتستمتع في بلادها قبل أن تفكر في الذهاب لمكان آخر، يريدون أن تكون المواقع جاهزة، وأن تكون المجتمعات المحلية جاهزة لتقبلهم والاحتفاء بهم، لذا فنحن نعتبر دورنا اليوم هو مكمّل ومعزز ورديف لدور الوزارة في تمكين المواطن من التعرف على بلده، وإعطاءه المهارات التي تمكنه من أن يصبح سائحاً، خصوصاً أن تركيزنا اليوم على السياحة الداخلية بالكامل، والعمل على أن يصبح سائحاً مميزاً في بلده، يستطيع أن يحجز ويقوم بالعمليات السياحية، ونحن اليوم ندرب المواطنين وبخاصة الطلبة والطالبات، ونعرض عليهم تجارب في بلادهم، ليستمتعوا فيها، لأنني أعتقد أن الطالب هو أيضاً امتداد لأسرة، ولا يمكن للسياحة الداخلية أن تنتهي فقط بالتسويق لها، لا بد من بناء الوعي المعرفي، كيف يكون سائحاً، وكيف يكون مقدماً للخدمات السياحية، وكيف يعمل مستقبلاً في مجالات الخدمات السياحية ليس فقط العمل في فنادق أو وكالات سفر أو غيرها، ولكن أن تؤسس فرص عمل جديدة في الأرياف والمناطق النائية، وأن تقدم خدمات جميلة وممتعة وتفتح المجال للمواطنين لأن يستمتعوا بهذه البلاد التي أعطاها الله سبحانه وتعالى من الثروات الكثير، ومنها لا شك الثروة البشرية والثروة التراثية الحضرية وثروة المواقع الطبيعية.