تتولد الخدمات الجديدة لتلبية حاجة ضرورية أو مستحدثة بسبب نشوء سوق جديدة، والعاملون في تقديم تلك الخدمات يعملون بداية بشكل عشوائي يتحول تدريجياً إلى صيغة الأعراف ثم ما تلبث الدولة بتحويل تلك الأعراف إلى أنظمة ولوائح إجرائية بهدف تنظيم سوق تلك الخدمات وتطويرها وحماية المتعاملين فيها.
خدمة الرقابة الشرعية على المصارف التي تعلن أنها تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية تولدت منذ نشوء المصرفية الإسلامية قبل حوالي ثلاثة عقود مضت فقام بها نفر من العلماء والباحثين في الشريعة الإسلامية من تخصصاتها المختلفة معظمهم ليس من أصحاب الخلفيات الاقتصادية بل إن معظمهم ليس على معرفة بالعلوم التجارية وتخصصاتها كالإدارة والمحاسبة والتمويل والتأمين والتسويق فضلاً عن التسويق. النظام الاقتصادي الحالي نظام رأسمالي ومؤسساته هي الأكبر حجماً والأكثر سيادة، والمؤسسات الاقتصادية عموماً والمالية منها على وجه الخصوص في الدول الإسلامية تدور في فلكها الأمر الذي يستدعي فهم النظرية الاقتصادية الرأسمالية وتطبيقاتها بشكل عميق للوصول إلى الصورة الحقيقية للواقع الحالي والتوقعات المستقبلية ومن ثم استخدام أدوات الإفتاء بما في ذلك أصول الفقة قبل الولوج في عالم الإفتاء المالي سواء في التعاملات المالية المصرفية أو التعاملات بالأوراق المالية من سندات وأسهم ووحدات الصناديق الاستثمارية وغيرها من المشتقات.
الرقابة الشرعية من قبل الأفراد أو الهيئات الشرعية قبل إصدار المنتج المالي وأثناء التعامل به وفتاويها أو رأيها أو قراراتها تعتبر عنصراً بالغ الأهمية بالنسبة لأفراد المجتمع في اتخاذ قراراتهم حيال المعاملات المصرفية والمنتجات التمويلية أو الاستثمارية فضلاً عن تحديد موقفهم من المؤسسات المالية أو المصدرة للأوراق المالية وبالتالي فهي بالغة الأهمية أيضاً للحركة الاقتصادية بشكل عام ما يجعل أهمية تنظيمها وتنظيم العمل فيها ضرورة ملحة بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في تكوين أعرافها عبر العقود الثلاثة الماضية.
وأعتقد ذلك جازماً بعد أن أصبحنا نرى تشكيكاً في البعض وتسطيحاً للآخر والإدعاء بتشدد ثالث وثناء منقطع لوسطية رابع وهكذا إضافة لما نسمعه عن تكرار غير معقول لأسماء معينة في معظم اللجان الشرعية بشكل يشكك بمصداقيتهم وهو أمر لا يجعل أفراد المجتمع على ثقة كاملة بشرعية المعاملات المصرفية أو المنتجات التمويلية أو الأوراق المالية الاستثمارية فضلاً عن الثقة بالمؤسسات التي تقدمها أو تطرحها وهذه حالة غير صحية وغير مرضية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكبيرة الربا التي نسعى جميعاً لتجنب الوقوع بها.
نأمل أن يصدر قريباً تنظيم تشارك في اقتراحه وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع مؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة السوق المالية لتكون الرقابة الشرعية مصدر ثقة لدى المجتمع الذي يراها مسؤولة أمامه من بعد الله ويعدها عنصر أمان وثقة في مدى توافق المنتجات المصرفية والأدوات التمويلية والأوراق المالية مع أحكام الشريعة الإسلامية، نعم فقد حان كذلك وأصبح ضرورياً كما حول حال تنظيم أنشطة ومهن المحاسبة والمالية سواء بسواء.
alakil@hotmail.com