وهج «الجنادرية» الذي يشع على ربوع المملكة العربية السعودية، مشعلاً للحراك الفكري والثقافي، ومثيراً نقاشات ثرية إيجابية بين مفكري ومثقفي البلد، والذي أخذ يمتد إلى شرائح عديدة في المجتمع، إذ لم يعد التفاعل مع فعاليات مهرجان التراث والثقافة مقصوراً على المثقفين وبالتحديد على الإعلاميين والأدباء والكتاب، بل توسع ليشمل معظم المواطنين السعوديين في كل مناطق المملكة، إذ أصبح المهرجان الشغل الشاغل لهم ويتابعون فعالياته عبر (البث المباشر) للمحطات التلفازية التي تتسابق لنقل فقرات هذا الحدث الفكري والثقافي والفني والتراثي، والاستزادة أكثر بمتابعة ما تنشره الصحف، وهذا ما ساعد في اتساع مساحة الاهتمام بمهرجان التراث والثقافة، وأدى إلى تغلغل المهرجان في وجدان المواطن والمقيم ما يقدم على مدى أسبوعين من العروض تقدم فنون وتراث مناطق المملكة، التي تكشف مدى ثراء هذه الفنون، ومأكولاتها الشعبية، وعرض سماتها العمرانية من خلال عرض الفنون الهندسية المعمارية.
وهكذا فإن «الجنادرية» تقدم لوحة متكاملة للوطن الكبير المملكة العربية السعودية التي هي نموذج للوطن العربي الأكبر.
هذا الوهج الثقافي والحراك الفكري الإيجابي، والمناخ العلمي الذي توجده المحاضرات العلمية والفكرية وما تحمله من بحوث فكرية وإنسانية إبداعية، يخفت، ويزاح من الذاكرة بمجرد إغلاق «الجنادرية» أبوابها، وهو ما يجعلنا نضم صوتنا لأصوات العديد من المفكرين والمثقفين السعوديين والعرب والأصدقاء الذين يتوافدون إلى بلادنا في هذه المناسبة الفكرية، الذين يطالبون وينشدون بحث سبل استمرار هذا التوهج وأن يتواصل هذا الحراك للإسهام في تفعيل التنمية الفكرية والثقافية، من خلال استمرار عروض الجنادرية وفتح (قريتها) التراثية طوال العام، أو على الأقل في نهاية كل أسبوع حتى يتواصل المواطن والمقيم مع تراث وطن موئل العرب والمسلمين، وإسناد جهود الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
***