Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/03/2010 G Issue 13685
الخميس 02 ربيع الثاني 1431   العدد  13685
 
لما هو آت
هي فيك وأنت بها..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

حين تأمل، تنفرط الذاكرة بصور، ومواقف، وذكريات، وشخوص كثر عبروا في مراحل من العمر والعمل والعلاقات، بعض ما يرد في هذه اللحظة تنفرج به البسمة، وبعضه تنسكب به الدمعة، وبعضه تنطلق عنه الآهة،...

فالذاكرة أكثرك الذي كان، وبعضك الذي يكون, وكلك الذي سيكون،...

كل شيء فيك ماض لهذه الذاكرة، ومهما تخيلت أنها مفرَّغة، أو تلاشت من وارداتها أجزاءٌ، فإنها حافظة أمينة لسجلك...

ما تعثرت فيه أو به، فإنها تتصيدك عنده لتخرجك منه، وأنت تتأمل ما فيها تذكرك بنهوضك منه، وما سموت به، تجليه ليكون دافعك لأجمله، ومن أشرقوا في عبورك لا تمسح ذاكرتك بريقهم، بينما قد تطفئ عنك لهب الذين أشعلوا النار حول جناتك، وهي كفيلة برش الماء على الوقيد، بينما هي كفيلة بضخ الوفاء للجميل، لا يفلت منها مفتاح، ولا يعجزها قفل، مع أنها غير ملموسة، وهي فيك ولا تراها، كما أنها منك ولا تلمسها، هي وعيك حين محك، وهي ضالتك حين عسر، تأتيك بحكمة الضبط حين حاجة، وتمنحك دافع إقدام حين تردد، تبسط لك الصور وتمنحك العبر، وتسمعك الأصوات وتجلي لك المواقف، ذاكرتك نعمة الله الكبرى فيك، لن تخذلك أبداً إلا ما غدوت كفيلاً بذاتك، لا حاجة لك للتعرّف أكثر على ما، ومن فيها...

حينها أنت وحدك من تمنحها تأشيرة لمنتجع راحتها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد