يعتقد البعض أن الإصدارات الأدبية والمؤلفات الثقافية والعلمية لا توقع إلا باسم مثقف أو كاتب كبير، ويحتكر تأليفها حملة الشهادات العليا من الدكاترة والأكاديميين ولكن الواقع يقول غير ذلك.. والمفاجأة أن كثيراً من الكتب حديثة الإصدار والتي أثارت جدلاً واسعاً وحققت نجاحات كبيرة كانت لشباب في مقتبل العمر, وتلك الظاهرة تبشر بالخير الكثير, وتؤكد أن الشباب الفارغ والسطحي والذين هم عالة وعبء ثقيل على أوطانهم لا يمثلون كل المجتمع، بل هناك أيضاً في الضفة الأخرى شباب أصحاب فكر وقضية، حلموا على الرغم من كثير من المعوقات ومحاولات التثبيط وكلمات التشكيك في مواهبهم وإمكانية تحقيق طموحاتهم بل وحققوها وكان لنجاحهم طعم مختلف واستثنائي، فكما يقال إن أروع إحساس هو شعور أنك قمت بالخطوة الصحيحة حتى لو عاداك العالم أجمع.
تأكدت من ذلك حين قرأت الكتاب الذي صدر حديثاً بعنوان (كتب في كتاب) لقريبتي التي لا تتجاوز الرابعة والعشرين «إيمان الخميس» والتي قرأتها قبل هذا الكتاب بكثير وأدركت كم هي صادقة ومتوقدة ومختلفة هي التي تزيدك حيرة كل ما عرفتها أكثر، هي ليست بحاجة إلى الضوضاء والضوء لكي تكبر، بل إلى مزيد من الوقت والصمت لتأسر، هي إيمان بالفطرة، وليست صفحات كتابها إلا مزيجاً من القليل الكثير منها.
الآن دعونا نتحدث عن الكتاب.. أولاً أجمل ما فيه أن يحتضن رسالة سامية وقضية جوهرية، هو دعوة راقية وجذابة للقراءة والتثقف للارتقاء بفكر شباب الأمة من خلال الاطلاع على مواضيع كثيرة لا خيط مشترك بينها سوى أنهم علم نافع ومعلومات قيمة يجب أن تتعرف عليها.
ففي هذا الكتاب جمعت الكاتبة أجمل وأهم ما يتضمنه أربعون كتاباً عربياً ومترجماً، ووضعته لك في كتاب واحد قدمته بالأسلوب المختصر المفيد, يضم بين دفتيه عشرات المواضيع التي أجزم أنها ترضي كافة الأذواق والميول، فحين تفتح الكتاب الخفيف بروحه والثقيل القوي بمضمونه ورسالته ستجد أنك تتنزه في حديقة كبيرة فتقطف لك من كل بستان زهرة بلون وعبق مختلفين.
في هذا الكتاب ستقرأ عن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وبعض سير العظماء والمؤثرين وستتعرف على وصفات ذكية لزيادة الثقة بالنفس وأحدث ما توصله له العلم في صناعة وتطوير الذات والحياة! كما ستقرأ قصص من انتصروا على اليأس والمأساة، ستستمتع بالتعرف على قبيلة الرجال الزرق (الطوارق) وستكتشف الحكومة الأكثر غموضاً في العالم وعلى لغز مستعص، ستعلم من هذا الكتاب أن هناك طفولة بائسة لكل دكتاتور وسيقدم لك باقة متنوعة من القصص والمقالات والآراء والنصائح التحفيزية والتربوية والحِكم بل وحتى المقابلات مع شخصيات مثيرة للجدل.
أنا شخصياً باغتتني متعة ولذة أثناء قراءته، شعرت وكأني أتناول قطعة شوكولاة لذيذة لم تنته لذتها أياماً، أستمع لسيمفونية عزفت بكل الآلات الموسيقية ولكل وتر إيقاع مختلف, المحصلة: موسيقى جميلة تمتع حواسك الخمس!.
وبلا شك بجانب المتعة كان هناك فائدة حقيقية وحصيلة دسمة مرضية للعقل والروح, ومثل ذلك الكتاب جدير بأن يُقتنى ويقرأ مرة واثنتين وأكثر، وفي كل مرة أعتقد أنه سيبدو أجمل وأشهى، وكأنها دائماً المرة الأولى، ستحتار مرة أخرى من أين تبدأ، ستتلهف للغرق في بحور العلم والمعرفة، لأنه لا يقدم أخباراً وقصصاً تنتهي مدة صلاحيتها بعد حين إنما هي معرفة مؤثرة وصالحة لكل زمان ومكان.
أتمنى أن لا يكون فكر البعض ضيقاً لدرجة أن يعتقد أنني أقدم دعاية أو أحاول الترويج للكتاب, بل إنني وبكل إنصاف موضوعية أجد أنني ملزمة ككاتبة صحفية أن أسلط الضوء وأحتفي بإصدارات الناشئة فهي تصب أولاً وأخيراً في مصلحة وطننا وأبنائه.
****