إنَّ العدو اللدود للإنسان هو إبليس الذي أبى أن يسجد لآدم عندما أمره الله بالسجود مع الملائكة، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ).
يُصاب الإنسان بحالة الضنك التي بيَّنها الله في محكم التنزيل: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)، ويحلو لكثير من علماء العصر تسمية الضنك بالاكتئاب Depression.
وقد عرَّفه أوائل المسلمين بالهم والوجد. إن الشيطان يتربص بالإنسان ويوسوس له ويدفعه لليأس كي (يكفر بالله) ثم ينصرف عنه ليبحث عن فريسة أخرى.
يلجأ الإنسان المصاب بالاكتئاب (الضنك) إلى استعمال مضادات الاكتئاب Anti Depressant التي غالباً لا تفيد أو ربما يكون تأثيرها محدودا ومؤقتا؛ فتشتد حالة الاكتئاب عند المريض؛ فيفكر في الانتحار أو الإقدام عليه.
إن علاج (تعديل السلوك الحديث) يحث المريض على الخروج من الدائرة السوداء التي يغوص فيها فيقنع نفسه بأنه لا أمل في الشفاء. ويتضمن علاج (تعديل السلوك الحديث) خطوات البرمجة اللغوية العصبية على شكل رسائل للمخ:
1- أن تكون (الرسالة) إيجابية، وهي أن يقنع الإنسان نفسه بأنه سليم.
2- أن يقول (الرسالة) بإحساس عميق بمضمونها.
3- أن يكرر المريض (الرسالة) أكثر من عشر مرات في اليوم.
4- أن تكون (الرسالة) في الزمن الحاضر.
5- ألا تكون (الرسالة) بصيغة النفي.
والاكتئاب بغير شك هو أكثر الظواهر النفسية؛ إذ يطغى الشعور بلُجَّة الحزن الذي يفسد على المرء حياته.
ويرى الفيلسوف الإسلامي (أبوبكر بن الرازي) أن كثرة التفكير وإجهاد الذهن تجلب الوسواس والهم، وتؤدي إلى إصابة الإنسان بالهزال العام.. ويمضي قائلاً: إن التقصير في طاعة الله يؤدي في النهاية إلى الإصابة بالهم والاكتئاب ثم الكفر.
سيدنا أيوب عليه السلام عانى من المرض أربعين عاماً وهو يدعو الله، وشفاه المولى - عز وجل - بعد أن اختُبر صبره وقوة إيمانه، فالله سبحانه وتعالى يطلب من العبد الإلحاح بالدعاء وطلب الاستجابة؛ إذ قال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فالله سبحانه وتعالى اشترط الإجابة باستجابة العبد له، والاستجابة لله تنحصر في أداء ما فرضه الله عليه فيقول: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
ينبغي على الإنسان أن يتفكر في نفسه وفي الحياة وفي الكون المحيط به، وبهذا يمتلك وَصْفة الشفاء.
الرياض