Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/05/2010 G Issue 13747
الاربعاء 05 جمادىالآخرة 1431   العدد  13747
 
البوارح
ثمن الخطأ
د. دلال بنت مخلد الحربي

 

السؤال الذي يفرض نفسه في بداية هذا المقال:

هل خطأ الإنسان (أياً كان حجم الخطأ) جريمة لا تغتفر، وزلة يصعب محوها، بل هو وصمة تكبله طوال حياته؟؟

الخطأ كفعل وتصرف لا يمكن أن نجرده من طبيعة الإنسان، والحياة بما تطفح به من مشاكل، وتركيبة الإنسان من ظروف نفسية واجتماعية وواقعية تدفع بعض الناس إلى ارتكاب أمور خاطئة، كما تعطي انطباعاً معيناً عن تصرفاتهم وطبيعة مسيرتهم في الحياة وتواصلهم معها.

الاستقامة والانحراف مترادفان، يعيش الإنسان، يخطئ، يكتشف، يعاقب، يحاسب، وكل هذا يعينه في اكتشاف الخلل والوقوف عليه يعني صنع واقع آخر، وجميعنا يدرك أن المحاسبة على الخطأ ليست دائمة، بل هي وقتية تنتهي بوعي الإنسان بحقيقة خطئه وعزمه على عدم العودة إليه وصدق هذا العزم بعد ذلك.

لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نبعد صورة الخطأ عن أذهاننا، خاصة وأن هذا الفعل رافق الإنسان منذ بدء الخليقة، ويكفي للاستدلال خطأ آدم وحواء وهو الخطأ الذي غير مصير البشرية، فماذا نستطيع أن نقول في خطأهما.

كتبت المقدمة السابقة تأثراً بالقصة التي نشرتها صحيفة «شمس» في عددها 1548 الصادر بتاريخ 30 جمادى الأولى 1431هـ/ 14 مايو 2010م عن امرأة لم تتجاوز الثلاثين من عمرها، دخلت السجن بسبب خطأ ارتكبته وهو قضية تبرج كما تقول هي، واختلاء كما يقول ملفها. وبسبب ذلك تبرأت منها عائلتها وزوجها، وبعد انتهاء فترة سجنها خرجت وحيدة، تائهة، لا عون ولا سند وسكنت في غرفة طينية فوق أحد أسطح المنازل عند أرملة أجنبية، وتكالبت عليها هموم الحياة وزاد عليها مرضها حيث أصيبت بالسكري والربو والغرغرينة في قدمها، وعندما ألحت على زوجها برؤية أطفالها هددها بالتخلي عنهم وإعطائهم أياها لتكون مسؤولة عنهم كل المسؤولية التامة، وقصة هذه المرأة بتفاصيلها مؤلمة لكنها في النهاية تعبر عن «قسوة الإنسان وجبروته» فإذا كانت أخطأت ولسنا هنا بصدد مناقشة نوعية الخطأ، بل نحن بصدد سؤال مهم وهو:

هل الخطأ والصواب بينهما خطوط صارمة تقسم العالم إلى قسمين؛ قسم للأسوياء وقسم للمنحرفين أو الأشرار.

هذا التقسيم لا يتوافق مطلقاً مع منطق ديننا الإسلامي الذي اهتم بمسألة خطأ الإنسان وجادل وناقش فيها وكان في كل مرة يؤكد على التوبة لمن يسعى لها، والمغفرة لمن يجتهد في توبته.

أرى أن من الإجحاف بحق معنى الإنسان أن نقف عند بعض المنعطفات لنقسو في الحكم ونستمر عليه مخالفين فيه أمر الله وحكمه الذي يدعو إلى الرحمة والمغفرة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد