المبررات التي دفعت وزارة التربية والتعليم للموافقة على نهج المدارس الأهلية المتمثل بضم طلاب الفصول الأولية إلى مدارس البنات كي تعلمهم معلمات في فصول مستقلة -هي مبررات- قوية ومقنعة، ومبنية على دراسات وتجارب ناجحة عالمياً وعربياً ومحلياً. وليس هنا مجال ذكرها فقد سبقني إلى ذلك كثيرون. وأتمنى أن يتم ذلك في بعض المدارس الحكومية أيضاً.
لكن أود أن أتساءل عن مبررات المعترضين -مع ملاحظة أني أحترم رأيهم - وأقدر حقهم في الاختيار،فليس في كل القرارات الجديدة التي تتبناها الحكومة ما يلزم بل هي أقرتها لمنح الناس المزيد من الحرية في الاختيارات المتعددة في حياتهم، وفق ما يريدون،دون أن تفرض عليهم شكلاً معيناً وفي ذلك توسيع على الناس ومزيداً من دعم الحريات الذي تنتهجه حكومة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
يقول المناوئون لهذا القرار: إن الطفل قد يعجب بمعلمته وقد يصفها لأبيه مما ينقل الإعجاب إلى الأب الذي هو (على جريف؟) مما يخلق الإشكال الأسري ويعرض الأم لمنافسة غير متساوية مع المعلمة!!!
هذا التصور الذهني عن جاهزية الرجل السعودي للتعلق بأي امرأة، وتنازله السريع عن بيته وأسرته, هو مبرر قوي لدعم القرار وليس الوقوف ضده, فمن المؤكد أن هذا ناتج من نظرة الرجل للمرأة المحددة دائماً بالجسد،مما يجعلها رهينة المتعة في تصور الرجل نظراً لعدم إزاحة هذا التصور بتصور آخر يجعل من المرأة راسخة في معتقده بأنها زميلة عمل وشريكة في مناحي الحياة العملية والتعليمية، مؤكداً أن الجيل الذي تتلمذ على يد معلمات في مراحله الأولية سيمتلك تصورات إيجابية ومتنوعة عن المرأة ولن يحصرها بالمرأة المنافسة لزوجته!!
هذا يفسر لنا ما يحدث حالياً من رفض بعض الرجال لوجود المرأة القوية في محيط أعمالهم حتى لو من وراء حجاب لأن الصورة الذهنية القارة لديهم أن المرأة هي زوجة تنحصر أحاديثها معه في سؤالها الأزلي: ماذا تريد أن تأكل اليوم؟ أو طلبها اليومي: (تعال ودنا للدكتور الولد حرارته مرتفعة!!)
لا قبول في عقله الباطن لامرأة تتحدث عن السياسة والثقافة والخطط التربوية المتقدمة، ذلك خروجاً عن النسق يستدعي الدفاع عن حياض الحق، وهو جهاد مشروع له فيه استخدام كافة الأسلحة البيضاء والسوداء!
من مصلحة صغار ذكورنا أن يتتلمذوا على يد نساء، لأنهن أكثر قدرة على احتواء الأطفال والأكثر سعياً للابتكار والتجديد في أساليبهن التربوية.
كما أن من مصلحة المجتمع التي ستظهر لاحقاً على هذا الجيل أن يتعامل الأطفال مع النساء خارج التصور الذهني الواحد المرتبط فقط في الأدوار المنزلية المعتادة، مما يجعل التعامل مع المرأة يتم في أطر إنسانية متعددة.