الجزيرة - أحمد المطيري
دعا مختص في جولوجيا المياه إلى وضع إستراتيجية وطنية للمياه واضحة المعالم وإنشاء مجلس أعلى للمياه برئاسة خادم الحرمين الشريفين ويضم الوزراء المعنيين وقال الدكتور عبدالعزيز البسّام أستاذ جيولوجيا المياه بكلية العلوم بجامعة الملك سعود «للجزيرة»: إن مصادر المياه في المملكة شحيحة وهذا ناتج عن الطبيعة الجغرافية للمملكة ووقوعها في منطقة صحراوية وشبه صحراوية يقل فيها هطول الأمطار والتي تعتبر مصدراً متجدداً وتنعدم فيها الأنهار ومجاري المياه الدائمة، من هذا المنطلق فإن المملكة تعتمد في مصادرها المائية بشكل رئيسي على المياه الجوفيّه غير المتجددة وعلى ما تنتجه محطات التحلية والأخير لا يمثل سوى مابين 5 و10% من الأستهلاك الكلي للمملكة بجميع الأغراض لذا فإننا نستهدف مياهاً غير متجددة وقد تنضب في يوم ما، وهذا يوجب علينا حسن إدارة مصادرنا المائية والحرص على عدم إهدار هذه المادة الحيوية اللازمة لمعيشتنا ولحضارتنا ولخططنا التنموية، ولن يتحقق لنا المحافظة على هذه المصادر إلا بوجود إستراتيجية واضحة المعالم تأخذ في الاعتبار محدودية المصادر المائية ونلاحظ في وقتنا الحاضر عدم وضوح هذه الإستراتيجية مما يجعل مصادرنا المائية عرضة للمطامع التجارية في استنزاف مياه الطبقات الجوفية وتصدير هذه المياه بأشكال متعددة، فهي تصدر على شكل مياه معبأة ومياه غازية ومنتجات ألبان وغيرها من المنتجات التي تستهلك قدراً كبيراً من مياه نحن في أمس الحاجة للمحافظة عليها للأغراض الإنسانية، ولعل المشكله تكمن في أنه على الرغم من إنشاء وزارة المياه والكهرباء إلا أن صلاحيات إدارتها للمياه تتوقف عند المياه البلدية ولا تشمل المياه المستخدمة للأغراض الزراعية والصناعية وقد طالبت سابقاً بإنشاء مجلس أعلى للمياه يرأسه خادم الحرمين الشرفين ويضم وزراء الوزارات ذات العلاقة المباشرة بموضوع المياه، يقوم هذا المجلس بوضع الخطوط العريضة لإستراتيجية إدارة متكاملة لمصادر المياه، ويلزم بهذه الإستراتيجية جميع من له علاقه بالمياه ويصادق على ما جاء فيها الوزراء المختصين».
بينما يرى المهندس الجيولوجي عبدالله الحمين مدير عام إدارة تنمية موارد المياه بوزارة المياه والكهرباء سابقاً: إضافة إلى ما أوضحه الدكتور البسام من تصدير للمياه بأنواعها والعصائر والألبان لا شك بأن ذلك تصدير للمياه كون هذه المنتجات تعتمد اعتماداً كلياً على المياه فعلى سبيل المثال لتر الحليب الواحد يستهلك حوالي 800 لتر ماء حسب عدد من الأبحاث العلمية المختلفة، وبلاشك أن في هذا استنزاف هائل للمياه جزء منه يصّدر إلى خارج المملكة على أي شكل كان ويصدّر إلى دول تتوفر فيها أنهار ومصادر حيوية ولذلك فإن عدم وجود تسعيرة للمياه في الدراسة الاقتصادية لجدوى المشاريع تسمح للمستثمرين في المجالات المختلفة من المتاجرة في كل الصناعات التي يدخل الماء فيها دون النظر لخطورة هذا الأمر على أوضاع المياه بالمملكة فلا بد من وضع قيمة اقتصادية للمياه قبل إقرار أي مشروع صناعي أو زراعي يعتمد على المياه في إنتاجه لأن المياه المصدّرة من المملكة أو الصناعات الأخرى المعتمدة على المياه تباع خارج المملكة بأسعار أقل من نظيراتها في الدول الأخرى للسبب المذكور أعلاه وهو عدم وجود قيمة اقتصادية للماء. وقد سعدت عندما قرأت التصريح الأخير لمعالي وزير الزراعة والذي أشار فيه إلى أن الوزارة تشجع استيراد الأعلاف من الخارج للحد من استنزاف المياه في صناعة الألبان، وأرى أن المحافظة على صناعة الألبان كصناعة وطنية مهم جداً ولكن شريطة استيراد الأعلاف من الخارج للمحافظة على ثراواتنا المائية، ولاشك أن وزارة المياه والكهرباء تقوم بالتوعية لترشيد المياه مركزة على الترشيد المنزلي (البلدي) وقد صدرت أيضاً بعض الإعلانات التي تدعو للترشيد في المجال الزراعي، ولكن هناك مجالات لاستنزاف وضياع المياه آمل أن تتمكن الوزارة من معالجتها مثل خلط طبقات المياه من خلال حفر الآبار العشوائي دون إشراف من الوزارة مما يضيّع ويملّح طبقات جيدة النوعية مع طبقات إما جافة أو مالحة.
وعلى الرغم من شح مصادر المياه بالمملكة إلا أنها تصدر منتجات المياه للخارج سواء على شكل مياه صحية أو منتجات يدخل في تركيبتها المياه كعنصر أساسي الأمر الذي أفرز تناقضاً كبيراً بين الدعوات لترشيد استهلاك المياه من جهة وتصديرها بذات الوقت للخارج من جهة ثانية.