تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة النسبة الكبرى من مؤسسات الأعمال حول العالم؛ حيث تمثّل أكثر من 90 % من إجمالي عدد المؤسسات في بعض الدول، كما أنها تستحوذ على النسبة الكبرى من الإنفاق الاستثماري، ويصل نصيبها من هذا الإنفاق في دول الاتحاد الأوروبي إلى نحو 65 % ونحو 60 % في الولايات المتحدة، وهي أيضاً تسهم بجزء لا يستهان به من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول، ففي أوروبا تصل إلى نحو 65 % من الناتج المحلي ونحو 45 % من الناتج المحلي الأمريكي.
إن إنشاء سوق أسهم (بورصة) للمشروعات الصغيرة والمتوسطة سيجعله أداة فاعلة لجذب الاستثمارات إلى هذا القطاع الحيوي، ويمكّنها من الحصول على التمويل بشروط وتكلفة ميسّرة؛ فهذه السوق ستسمح بقيد المشروعات بشروط ميسّرة مقارنة بسوق الأسهم (السوق الرئيسي)، سواءً فيما يتعلّق بالحد الأدنى لرأس المال وعدد المساهمين وعدد الأسهم المطروحة وكذلك تكاليف القيد، وإضافة إلى ذلك فإنه يوفر خدمات دعم فني واستشارات للمساعدة في عملية طرح الأسهم للاكتتاب.
كما سيوفر فرصة أمام المستثمرين لتنويع استثماراتهم في سوق الأوراق المالية للتحوّط من مخاطر تقلّبات الأسعار، وزيادة هوامش أرباحهم من خلال الاستثمار في أسهم شركات ناشئة وذات فرص نمو مرتفعة، وقد تساعد هذه الميزة أيضاً على زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد المحلي للاستثمار من خلال هذا السوق.
لا شك أن هذا السوق سيكون ذراعا اقتصاديا قوية حيث سيساعد على عودة رؤوس الأموال والمستثمرين المحليين والأجانب إلى الأسواق المحلية، بعد أن عانت الأسواق شُحّ السيولة وضعف حجم التداولات بسبب تفضيل المستثمرين الانتظار خارج السوق إلى أن يتعافى من آثار «الأزمة المالية العالمية»، كما أنه يساعد على توسيع قاعدة الأسواق والتقلّص من التحرّكات غير المبرّرة لها، وفي النهاية يصبح الاقتصاد الوطني هو المستفيد الأكبر من إنشاء هذه البورصات، التي تساعد على توسّع المشروعات الصغيرة ونموها وزيادة ناتجها، وقد أثبتت تجارب بورصات المشروعات الصغيرة في كل من جنوب إفريقيا والهند وبريطانيا وإيطاليا نجاح هذه الآلية في دعم هذه المشروعات في تأدية دورها الاقتصادي وتعظيم مساهمتها في الناتج وزيادة قدراتها التنافسية، ودمج هذه المشروعات في الاقتصاد الرسمي.
والله الموفق.
turki.moh@gmail.com