كثيرة هي التناقضات الفكرية والسلوكية التي نعيشها في تركيباتنا الاجتماعية، ولعل من أغرب تلك التناقضات؛ أن ندعو لرقي اجتماعي ومدني كجماعة متناسين ومتجاهلين المسؤولية الفردية في صناعة هذا الرقي.
إن سكني في أحد المجمعات السكنية التي تجمع عدة أشكال وتركيبات من هذا المجتمع قد أعطتني زاوية جديدة أرسل فيها أبعاد التفكير في نفسي وفي المجتمع من حولي. فقد وجدت في سكان هذا المجمع السكاني البسيط؛ كل تلك التناقضات التي بت أتكلم عنها الآن فهذا يأتي بسيارته الفارهة التي ترسم لنا عنه في مخيلتنا بأنه شخص من طبقة راقية مرموقة، ليستحل بسيارته موقفين أو ثلاثة.
وذاك يأتي بهندامه النظيف ورائحته الزكية ليرمي بأكياس القمامة (أعزّكم الله) في مدخل المجمع لأن طريقه لا يتعدى المدخل رغم أن الحاوية لا تبعد عنه سوى أمتار قليلة.
وذاك ضابط عسكري؛ عاش ملكوت هذه البذلة وبدا يتخيَّل أن جميع مَن حوله هم مجرد جنود متناسياً أن من تواضع لله درجة رفعه الله درجات.. وذاك، وذاك، وذاك.. عينات لا تنتهي، والمجتمع مليء بتلك الصور المختلفة.
وبالتأكيد ومن مقولة شعبية (كلٌّ بعقله راضي) أجد في نفسي صوتاً يردد أنت لست مثلهم، أنت إنسان راق.
وإنني ولهذا كله، أعتقد أن هذا الصوت، هو صوت المناداة لأمر لن أقول عنه بأنه تخلف، بل سأكون شخصاً إيجابياً لحد ما وأسميه بطء التقدم.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. فلنضع لأنفسنا مرآة تقييم سلوكياتنا، ولنتعرّف أين نحن، ماذا نريد؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟!