Al Jazirah NewsPaper Friday  02/07/2010 G Issue 13791
الجمعة 20 رجب 1431   العدد  13791
 
الخشوع وصلاة الأمة
العقيد م. محمد بن فراج الشهري

 

إن مشكلة الأمة الإسلامية هي مشكلة عقيدة وخلق، والمتتبع لأي القرآن الكريم وصحيح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح يرى أن الخشوع قاسم مشترك بين الأخلاق والعقيدة والعمل يغذيها بالخشية لله، فتؤدي مقصودها في النفس والقلب معا. الخشوع هو الالتزام بطاعة الله جلَّ جلاله وترك معصيته، هو تأثر القلب بذكر الله واستحضار عظمته وهيبته، هو قيام القلب بين يدي الله عزَّ وجلَّ بالخضوع والذل والانقياد للحق إذا خالف الهوى.

والخشوع من وظيفة القلب فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء، ولذلك كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها) رواه مسلم.

وفي هذا بيان أن القلب الذي لا يخشع علم صاحبه لا ينفع وصوته لا يسمع، ودعاؤه لا يرفع، لأنه غافل لاه همه الدنيا ولذاتها، وقد أخبرنا عليه السلام عن أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعا، أخرجه الطبراني بإسناد حسن.

إن قضية الخشوع قضية هامة، فهي قضية فلاح الأمة وقضية صدق إيمانها بالله العظيم فأي انهيار أو ضعف في أحوال الأمة يسبقه زوال السدود الحافظة من الانهيار، والخشوع من أعظم هذه السدود وعليه فزواله مقدمة لانهيار الأمة والعياذ بالله.

إن المسلم الذي خشع قلبه لله يحس يقينا أن الله معه في خلوته وجلوته، لذلك تراه ينشط إلى طاعة ربه وتكون نفسه مستغرقة في التلذذ بمناجاة بارئه، لأنها موقنة بلقائه، أنها الصلة الدائمة مع الله، هذه الصلة والمحبة التي تعكس أثرها الطيب على حياة المسلم وسلوكه فتجعل منه إنسانا لا يتحرك إلا بما يرضي الله، فهو يخاف الله ويرجو رحمته، وليس له هم في الحياة إلا مرضاته، فكيف له أن يبطش بالناس أو يظلمهم أو يعتدي على حقوقهم أو يعيث في الأرض فسادا، ولنتدبر رنة العتاب في قول الرحمن جلّ وعلا مخاطبا المؤمنين قال تعالى ?أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ? سورة الحديد آية 16. فلنقلها كما قالها الإمام العلم ابن المبارك حين سمع هذه الآية: بلى آن يارب!.



alfrrajmf@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد