حوار - عبدالرحمن العصيمي
تُعد العلاقات السعودية الفرنسية من العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية المميزة على مر أعوام طويلة. وفي لقاء صحفي أجرته صحيفة (الجزيرة) مع السفير الفرنسي لدى المملكة العربية السعودية السيد برتران بزانسنو أكد سعادته على متانة وقوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وسلط الضوء على أبرز جوانب التعاون السياحي والتجاري والأكاديمي بين البلدين الشقيقين. هذه القضايا وغيرها تقرأونها في الحوار الآتي:
كيف تنظرون سعادتكم إلى المشاركة الفرنسية في مهرجان الجنادرية الماضي؟
- إن مشاركة دولة فرنسا بمهرجان الجنادرية تكللت بنجاح باهر وتأتي امتدادا للشراكة الإستراتيجية بين البلدين، حيث قام أكثر من 200 ألف من العائلات السعودية بزيارة الجناح، وهذا الاهتمام الباهر الذي أبدته العائلات السعودية أثر بشكل كبير في نفوس الفنانين الفرنسيين المشاركين بالمهرجان والذي بلغ عددهم حوالي 100 فنان فرنسي. ومشاركة دولة فرنسا في هذا المهرجان كانت فريدة من نوعها للالتقاء بالجمهور السعودي بشكل عام والتعرف بشكل أقرب على الثقافة الفرنسية حيث تم عرض الأزياء الفرنسية وكذلك التقنيات المصنوعة لدينا بالإضافة إلى شوارع باريس والأسواق الشعبية في جنوب فرنسا، وقد تسنّى للجمهور السعودي أيضاً التعرف على المأكولات الفرنسية والأجبان التي تشتهر بها دولة فرنسا إلى جانب العطورات وأدوات التجميل الفرنسية المعروفة. ومن ناحية أخرى شارك في هذا المهرجان مثقفون فرنسيون في عدة محاضرات وندوات ولقاءات ضمن مهرجان الجنادرية. ونحن في فرنسا ممتنّون جداً لجلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكذلك لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز على إتاحة هذه الفرصة لدولة فرنسا للمشاركة في الجنادرية.
العديد من المواطنين السعوديين يفضلون قضاء عطلة الصيف في عاصمة النور (باريس) وفي مدن فرنسا المختلفة. هل هناك أي قواعد جديدة في منحهم تأشيرات لدخول فرنسا وزيارتها؟
- نحن مسرورون جداً بسبب الزيادة الواضحة في نسبة الإقبال على السياحة في فرنسا من قبل السعوديين وتبلغ نسبة هذه الزيادة 20% مقارنة بالأعوام القليلة الماضية. وقد أخذنا بعين الاعتبار بعض الحساسيات التي أبداها السياح السعوديون في شأن إصدار التأشيرات ومن أجل هذا أنشأنا مكتبا في وسط مدينة الرياض لاستقبال طلبات التأشيرات ويبدو أن هذه الخطوة أرضت الكثير من السياح المتجهين لفرنسا. ونأمل أن يكون هناك تعاون أكبر من الجهات السعودية لتسهيل إصدار التأشيرات سواء للسياح السعوديين ورجال الأعمال أو للسياح الفرنسيين الذين يريدون زيارة المملكة العربية السعودية.
هل يمكن إلقاء بعض الضوء على التعاون التجاري الحالي بين فرنسا والمملكة العربية السعودية وكيف يمكن تعزيز ذلك في رأيك؟
- التبادلات التجارية بين المملكة العربية السعودية ودولة فرنسا هامة ومتوازنة، فهي هامة حيث تبلغ ميزانية التبادل التجاري ملياري يورو في الاتجاهين، ومتوازنة بحيث إن هذه الميزانية شاملة للصادرات والواردات. والصادرات التجارية الفرنسية في السوق السعودي متنوعة للغاية، فهناك طائرات وأجهزة صناعية ومواد غذائية وزراعية واستهلاكية. ولابد أن نشير إلى أن فرنسا من أهم المستثمرين في المملكة العربية السعودية وذلك من خلال الزيادة الملحوظة في الاستثمارات الفرنسية بالسوق السعودي، فهناك عقد بين شركة أرامكو وشركة Total الفرنسية والذي يتجاوز 10 مليارات دولار. وهناك عقود أخرى هامة تم توقيعها بين البلدين لاسيما في مجال المياه والكهرباء والنقل، وهناك مشاريع كبرى نعقد عليها آمالاً كبيرة كمشروع القطار السريع بين مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ومحطات توليد كهربائية ومحطات لتحلية المياه. وهذه المشاريع الكبرى تشدد بشكل واضح على توطين التقنية والتي نعتبرها ضمانا بارزا للتعاون على المدى الطويل.
? دشنت فرنسا فروعا للجامعات في بعض الدول العربية، هل لديكم خطط لفعل الشيء نفسه في المملكة العربية السعودية أو دول الخليج الأخرى؟
- على حد علمي لا يوجد هناك طلبات خاصة قدمتها الجهات العلمية في السعودية لإنشاء جامعات أو معاهد فرنسية خاصة، ولكن هناك جهودا استثنائية تبذلها السلطات السعودية لتطوير وتنمية جامعاتها من خلال التعاون والشراكة مع الجامعات الأخرى، وفي عام 2008م تم التوقيع على 51 اتفاقية بين جهات تعليمية فرنسية وسعودية وحالياً هذه الاتفاقيات قيد التنفيذ. وارتفع عدد المبتعثين السعوديين إلى فرنسا والذي ارتفع من 70 مبتعث قبل 4 سنوات إلى 900 مبتعث حالياً، ونطمح إلى زيادة هذا العدد إلى 2000 مبتعث سعودي لفرنسا في المستقبل القريب.
? كيف تقيمون التبادل الأكاديمي والعلمي بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، وهل هناك أي خطط مستقبلية في هذا الصدد؟
- المجال الأكاديمي هو بطبيعة الحال مجال مهم جداً وهو امتداد للشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وهناك تعاون إيجابي من الضروري التطرق له مع جامعة الملك عبدالله (كاوست) ورئيس المعهد الفرنسي للبترول هو عضو في مجلس إدارة الجامعة الآنف ذكرها، ولدينا طلاب وأساتذة فرنسيين في الجامعة. ولدينا كذلك تعاون جيد مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في عدة مجالات، وقبل أشهر قليلة تم توقيع اتفاقية بين أهم الشركات الفرنسية وبين جامعة الملك سعود في مجال البحث العلمي، بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى تم توقيعها مع جامعة عفت بمدينة جدة، وهذا دليل واضح على أن التعاون الأكاديمي والعلمي بين البلدين هام وجوهري لكلا الطرفين.
كيف تنظرون وتقيمون سعادتكم الإقبال الكبير على تعلم اللغة الفرنسية من قبل الشباب السعودي؟
- هناك شغف كبير لتعلم اللغة الفرنسية من قبل الشعب السعودي، ونلاحظ هذا الطلب المتزايد ونعطيه اهتماما بالغا، ويوجد في الرياض عدة مدارس ثانوية تعلم اللغة الفرنسية وهناك 3 مراكز فرنسية لتعليم اللغة الفرنسية والتي تؤهل في كل عام حوالي 2000 شاب سعودي يتحدثون اللغة الفرنسية، وسنوقع في المستقبل القريب اتفاقيات لتعزيز هذا الجانب العلمي المهم مع الجهات المتخصصة في المملكة وتلبية الطلبات المتزايدة لتعلم اللغة الفرنسية.