أربعون ألف قلب تغادر مع كأس العالم جوهانسربج جنوب أفريقيا، يذهب الكأس مع أقدام فريقه لمدريد، ويتوزع الناس بقلوبهم في أنحاء العالم، ولكم أن تتخيلوا حجم الدخل الذي حققته وسائل النقل الجوي والبحري والبري للبلد المستضيف، ولشركات النقل، وكم خوت جيوب أصحاب القلوب المهلقة بحركة الأقدام ومسار الكورة التي تتقاذقها.. أسبوعان أو أكثر، وما قبل وما بعد وكل وسائل التواصل والنقل، والفضائيات عدا المخصصة للمناسبة قد شغلت الناس بأنباء الكرة الفائزة بالكأس أو المشاركة... الفوز هل هو للقدم أم للكرة أم للفائز الفرضي الدولة واللاعب؟.

لا أحسب أن الناس في العالم قد شغلوا وبذلوا لغير الكرة، فلماذا لا ينصبونها في أمر سعادتهم، وبهجاتهم، وإبداعاتهم، والمتوحدة بمكاسبهم وأوقاتهم ودخولهم وقلقهم وأعصابهم، فإن من يستحوذ على هذا التوافق البشري العالمي لجدير بأن يتوج على رأس العالم.

ترى لو أن الكرة من جلد صامت جامد، والكأس من معدن لا يتكلم ولا يحس، لو أنهما ينطقان ألا يكونان شبيهين بأصنام الجاهلية، ومجسمات البوذية..؟ فما الذي سيقولانه..؟ أيقولان: إن بريقنا الذي فعل هذا بالناس.. أو ربما الناس بحاجة لأشياء تسدد حاجتهم التي هيمنت عليها هذه الكرة... بالتأكيد هناك خلل ما.. غير أن لا من سيؤيده طالما هي على هذا الحجم من الاستحواذ البشري العالمي.. لذا فإن هناك حكمة ما عنها ستجد من يكتبها ذات يوم.