Al Jazirah NewsPaper Friday  16/07/2010 G Issue 13805
الجمعة 04 شعبان 1431   العدد  13805
 
الشعراء والعصبية
مهدي عبار العنزي

 

نبذ الإسلام العصبية وألغى المفهوم القبلي ووضح مفهوم الأمة بدلاً منه وأقره القرآن الكريم عندما قال جلَّ وعلا: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء.

وقد سأل واثلة بن الأسفع - رضي الله عنه - رسول البشرية محمد (صلى الله عليه وسلم) فقال: قلت: يا رسول الله ما العصبية؟ قال: أن تعين قومك على الظلم. وقد يظن كثير من الناس بأن العصبية القبلية جديدة العهد والحقيقة تقول إنه بعد وفاة الهادي البشير عليه الصلاة والسلام انتشرت العصبية بين القبائل وأصبحت كل قبيلة تتباهى بأمجادها وبطولاتها لأن الظروف السياسية في ذلك الوقت دعت إلى ذلك وانتشر شعر التحريض الذي يعتبر أكثر سلبية من الشعر الجاهلي وهو المحرك الرئيس للفتن وإثارة العصبية القبلية وتنمية الضغائن وقد أسهم الشعراء في ذلك العصر في وجود هذه الفتن والحروب التي نشبت بين المسلمين وراح ضحيتها كثير من الناس. فعندما قامت الفتنة التي انتهت بمقتل الخليفة الثالث للرسول الكريم عثمان بن عفان - رضي الله عنه - صار بعض الشعراء يحرك العصبية ويحرض معاوية ابن أبي سفيان على قتال علي كرّم الله وجهه كقول الوليد بن عقبة:

معاوي إن الشام شامك فاعتصم

بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا

وإن علياً ناظر ما تجيبه

فأهد له حرباً تشيب النواصيا

لقد أشعل الشعراء الفتنة في ذلك الزمن، وهاهم أحفادهم يتسابقون في هذا العصر لإكمال ذلك الدور الممقوت فتجد شعراء اليوم يتحدثون بقصائدهم عن العصبية وعن التفاخر فكل حفلة من الحفلات الخاصة التي يجتمع بها أكبر عدد من الناس تجد الشعراء يرتدون البشوت ويطلقون لأنفسهم العنان لتقديم أروع القصائد في مفهومهم هم!؟

لم يتحدثوا عن فضائل الإسلام وعن مكارم الأخلاق ولا عن قادة الفتح الإسلامي ولا عن أمجاد الوطن ومكانته ولا عن دور الأخيار من أبناء هذا الوطن الأبي ولكنهم يتحدثون عن عهود خلت وما حملته من سلب ونهب وسفك دماء وكل شاعر يكرر كلمة «حنا» ويعني عشيرته أو قبيلته ويصفها بأنها أخذت المجد كله وأخذت كل القيم وهذا بحد ذاته يعتبر تعصباً قبلياً مرفوضاً لأن أبناء المملكة اليوم ينعمون بالوحدة والتكاتف ونبذ كل أشكال التخلف ولكن الشعراء ولا أقول كلهم بل بعضهم لم يتعامل مع هذه النعمة، نحن ندرك أن الشعر يجب أن يكون أداة خير لا أداة شر.

فاتقوا الله يا معشر الشعراء ولا تكونوا سبباً في إثارة الفتن والتعصب فأنتم من بلاد الحرمين وهذا يحملكم مسؤولية عظيمة أمام الله والتاريخ والأجيال.

****



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد