تسعى القوى الدولية جميعاً، المكلَّفة بتحقيق السلام في المنطقة، والتي اصطُلح على تسميتها باللجنة الرباعية، والتي تضمُّ أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، على أن تتواصل جهود العمل من أجل وضع صِيَغٍ تُنهي الصراع والحروب بين العرب والإسرائيليين. الأمريكيون فرَّغوا ممثلاً للرئيس يسعى لتحقيق ذلك، وأنجز جورج ميشتل الذي كُلِّفَ بهذه المهمة العديد من الزيارات. والروس لهم ممثلهم الدائم المكلَّف بهذه المهمة، فنائب وزير الخارجية الروسي سلطانوف مهتمٌ بهذا الملف، ويقوم هو الآخر بزيارات متعددة لهذا الغرض، إضافة إلى زيارات وزير خارجيته والرئيس الروسي أيضاً. كما أن ممثل الاتحاد الأوربي طوني بلير هو الآخر يبذل جهوداً متواصلة لتحقيق هذا الهدف، مثلما يحاول أمين عام الأمم المتحدة المساعدة في تحريك جهود السلام.
الفلسطينيون والعرب من جانبهم يعملون من أجل إنهاء مأساة إخوانهم الفلسطينيين الذين تضاف إلى همومهم ومشكلاتهم هموماً أخرى في كل عام، بل وفي كل يوم، فبَعد النكبة وابتلاع نصف فلسطين حلتْ النكسة وضم الإسرائيليون النصف الآخر، ولا يمر يوم إلا ويكرسون هذا الضم وجعل الاحتلال واقعاً أبدياً، مرة عن طريق الاستيطان الاستعماري ومرة عن طريق التشطير بإقامة حاجز عنصري، ومرة بفرض الحصار وتجويع الشعب مثلما يحصل في غزة، ومرة بالهدم والطرد والتهديد كما يحصل الآن في القدس.
الإسرائيليون وحدهم الذين لا يريدون لعجلة السلام الدوران، فهم وإن (سايروا) الأمريكان والأوربيين وحتى الروس في مسعاهم ويستقبلون مبعوثيهم، إلا أنهم يرون في زيارات المبعوثين وكل تحرك مرتبط بقضية سلام المنطقة فرصةً لتحقيق أهداف تُكَبِّل ذلك التحرك، وجَعْل الفعل الإسرائيلي وكأنه حاصلٌ على موافقة ضمنية من المبعوث القادم، أو العاصمة التي يقصدها المسؤول الإسرائيلي.
الأسبوع الماضي أُعلن عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى مصر، وحددت القاهرة يوم الأربعاء الماضي موعداً لمباحثات الرئيس مبارك ونتنياهو، وبعد أن عرف الجميع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيكون في شرم الشيخ لبحث جهود السلام، صادقتْ ما تُسمَّى بلجنة التخطيط والبناء في مدينة القدس المحتلة على بناء وحدة استيطانية جديدة شرق مستوطنة (بسفاتازئييف) في محيط شرق القدس.
أسلوب إسرائيلي خبيث لإحراج المصريين وإظهارهم وكأنهم راضون عن توسع الإسرائيليين في الاستيطان، ولذلك فهم يستقبلون رئيس حكومة إسرائيل التي تعلن مع إعلان موعد الزيارة تدشين موجة جديدة من هذا السرطان القاتل للسلام...!!
هذه المرة كان المصريون فطنين لهذا الخبث، ولم يسمحوا للإسرائيليين أن يتخذوهم ستاراً لأعمالهم القذرة مثلما فعلتْ وزيرة الخارجية السابقة عندما زارت القاهرة وجيشهم يشهر عدواناً على غزة.
بوضوح يكاد يكون تعنيفاً للإسرائيليين، أعلنت مصر عن تأجيل أو إلغاء زيارة نتنياهو إلى وقت آخر في «لطمة» للإسرائيليين لعلهم يفهمون بأن خبثهم لم يعد ينطلي على المصريين لإبعادهم عن العرب.
***