Al Jazirah NewsPaper Friday  16/07/2010 G Issue 13805
الجمعة 04 شعبان 1431   العدد  13805
 
فقه الرفق واللين.. متى نحييه؟
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

بكلمة رقيقة، وصدر رحب، وطوية سليمة، بدت كلمات سمو الأمير نايف لأعضاء الفريق العلمي لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي تحمل في طياتها معاني تربوية،

في تطبيق السنة النبوية حين وجههم، بأن: «يعمل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطريقة المناسبة، وأن يكونوا عقلاء متأنين، ويتسموا بسعة الأفق والتحمل، قادرين على العمل في كل الظروف، متحلين بالهدوء والرفق واللين». من أجل الوصول إلى الغايات السامية، والأهداف المنشودة، فنستميل القلوب، ونحصل على المقصود. قد تبدو أشياء كثيرة مستحيلة في ظاهرها، لكنها تنال بالرفق، واللين، وطلاقة الوجه، وسهولة الأخلاق، بعيدا عن الإثارة، والغضب، والمبالغة، والحكم المتسرع على النوايا، الذي يدل على ضيق الأفق، ويبعث النفور في من حولنا. تيمننا واقتداء بخطاب الله - جل في علاه -، لنبيه موسى وأخيه هارون - عليهما السلام -، إلى فرعون الذي ادعى الألوهية، فقال: «اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى». فالنص القرآني المستقل بمعجزته عن الأخطاء البشرية واختلافها، يخبرنا بأن الطغيان درجة من درجات السلوك البشري. ومع هذا، هل سنجد من عصاة المسلمين من هو أشد طغيانا من فرعون الذي قال: «ما علمت لكم من إله غيري». أذكر في عام 1415هـ، التقيت - بالدكتور - إبراهيم أبو عباة، - رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني -، وكان يحاول إقناعي بالعمل معه، أوصاني وأنا أغادر مكتبه بكلمات، لا زالت عالقة في ذهني حتى هذه اللحظة، حين قال لي: «أوصيك بالرفق واللين، فبالرفق واللين تستطيع أن تنال من الأمور، وتحصل بهما من المطالب، ما لا يتأتى ويصل بغيرهما». عندها أدركت أن الرفق واللين سبب لكل خير، فبهما تنهض النفس من عثرتها بالحب، واللطف، والرحمة، والصبر. وبهما تفتح القلوب والآذان، وتتحرك الجوارح في اتجاه الخير والحق. إن من توفيق الله للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، اختيار الكلمة المناسبة في الظرفين - الزماني والمكاني - المناسب لها. والنزول مع الناس إلى مستوياتهم العقلية والعلمية، إضافة إلى فهم أسرار النفس الإنسانية، وتلمح مواطن الجمال والكمال فيها. - ولذا - تعالوا، وتأملوا معي قول الله - سبحانه -، حين قال: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن». أليست الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى تدل على اللين والرفق، وليس في واحدة من هذه الثلاثة الشدة والغلظة؟ بقي أن أركز، على ضرورة التأكيد على هذه المعاني الرائعة بما يتناسب مع روح العصر الحديث، واستخدام أساليب ومفاهيم حديثة، يتحصل عليها أعضاء الهيئة عن طريق دورات الاحتساب. فالرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.



drsasq@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد