تتوفر في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول المتقدمة الأخرى شركات أمنية خاصة تعمل في حماية الأفراد والمؤسسات, وشركات خاصة للتحري والتحقيق تساعد رجال الأمن في تقليص القضايا المبنية للمجهول,
وفي الغالب يعمل في هذه الشركات موظفي أمن سابقين أو حتى مستجدين مؤهلين وراغبين في العمل في القطاع الخاص لأسبابهم، ويستفيد من هذه الخدمات إضافة للأمن العام وأجهزته الأمنية، أفراد ومؤسسات بما فيها مكاتب المحاماة والقضاء وشركات التأمين، وهي إذن تخدم امن واستقرار الوطن جنباً إلى جنب مع أجهزة الدولة الأمنية.
وتعمل لدينا اليوم شركات أمنية سعوديه، غير أنها تقتصر على حماية المنشئات الخاصة ونقل الأموال، ومع هذا فهي تقدم وظائف وتقدم خدمات لعل أهمها الإنابة عن رجال الأمن الحكومي في توفير الخدمات الأمنية الخاصة بالمنشئات التجارية والاستثمارات المالية، وإتاحة مساحة أكبر لطاقة الأجهزة الأمنية الحكومية وإمكاناتها في الواجبات الأخرى، والأمن بشكل عام، هو الذي يحفظ الاستقرار وتطور الحياة وازدهارها في المجتمعات، وبالتأكيد هو أكبر من أن يحصر في الجانب الجنائي والحقوقي، بل هو أكبر من ذلك ويتعداه إلى الأمن الفكري والأخلاقي والصحي والاجتماعي، بيد أن مؤسسات لهذه الشئون هي قائمة بالفعل وتقدم خدماتها وتطور ذاتها، وإن لم تصل بعد إلى مستوى الطموح العام والخاص إلا أنها أخذت مسارها برعاية ودعم حكومي.
وتبقى عمليات التحري والتقصي في الجنح والجرائم الجنائية والحقوقية برغم أهميتها غير متوفرة لدينا فيما عدا وجودها بحكم طبيعة العمل لدى الأجهزة الأمنية الحكومية والتي استطاعت فعلا إثبات ذاتها وجودة عملها وتفوقها على السطح العالمي في محاربة الإرهاب على كثير من الدول حتى المتقدمة منها، لكن أيضا هذا لا يمنع من القول أن جنح وجرائم كثيرة تسجل ضد مجهول وخاصة جرائم السرقات التي انتشرت بشكل مزعج في السنوات الأخيرة، حتى أصبحت مخافر الشرط (ربما) لا تنظر لها بأكثر من أنها عملاً روتينياً يتكرر في اليوم عشرات وربما مئات المرات, ومن الطبيعي أن أي عمل متى تكرر يصبح طبيعياً ويصبح الغير طبيعي أن يتقلص أو ينخفض, أما أن يمر يوم دون تسجيل قضية سرقه فذاك صار من العجائب التي تستحق التدوين.
وإذا نظرنا بنظرة أكثر شمولية على واقعنا اليوم بمختلف الجوانب المؤثرة على السلوك الإنساني في مجتمعنا وخاصة مع وجود أكثر من ثمانية ملايين وافد من مائتي جنسية مختلفة، وفوق هذا جهل وأمية وتخلف خمسة ملايين منهم، إضافة إلى شح الوظائف وارتفاع قيم السلع أمام المداخيل الثابتة والغير متجانسة مع توالي ارتفاع تكاليف المعيشة، فإننا نظهر بنتيجة أو صورة لا تداخلها شوائب لواقع خصب ومحفز لنبات الجرائم الجنائية والأخلاقية بشكل يستدعي التوقف عنده ودراسته بشكل معمق وسرعة معالجته واحتوائه حتى لا يتطور ويكبر بحكم طبيعة الأشياء، وساعتها تكون الحلول والمعالجات أكثر كلفه وأصعب قدره واقل إمكانية في النجاح واخطر في المواجهة.
وبالتالي فإن إنشاء مؤسسات وشركات خاصة للتحري والتقصي والتحقيق بتعاون تام وكامل مع الأجهزة الأمنية ربما أصبح حاجة ملحة، لكن ذلك يشترط أمرين مهمين، الأول: تفعيل دورة التجديد في أجهزة الأمن الحكومية للمختصين في جوانب التحري والتحقيق للحفاظ على أعلى درجات المهنية، والثاني: اعتبار نسب الانجاز وتطورها معيار للترخيص والتجديد للشركات والمؤسسات الخاصة التي ترغب في مزاولة هذه المهنة، وليتها في البداية تقتصر على شركات التأمين، لما في ذلك من مردود ايجابي سيلمسه المواطن متى انتشرت ثقافة التأمين وأصبح التعامل والإجراء خاضع للجودة التنافسية.
Hassan-alyemni@hotmail.com