كتاب «المؤمن الصادق» ألّفه «أيريك هوفر» قبل خمسين عاماً، وقام بترجمته إلى اللغة العربية الدكتور غازي القصيبي، وهو كتاب رائع يضيء عقل الإرهابي من الداخل، ويتيح لنا فرصة التعرُّف على هذا العالم العجيب المخيف.
يبحث الكتاب في الأساليب التي تمكّن التنظيمات عبرها من السيطرة على الشخص الضحية وتحويله إلى متطرف مستعد لبذل نفسه في سبيل القضية المقدسة، ويحاول تحليل البذور والجذور التي تغذي طبيعة هذا الشخص.
تبدأ رحلة التحول إلى الإرهاب من العقل المهزوم حيث يرى الإنسان المحبط عيباً في كل ما حوله فينسب كل مشكلاته إلى فساد عالمه ويتوق إلى التخلص من نفسه بوصفه فردا وصَهْر ذاته في كيان نقي جديد يريحه من الإحساس بالغربة القاتلة ويمنحه أمان الانتماء إلى أسرة جديدة تحتضنه وتعيد إليه احترامه لذاته.
المؤلف «أيريك هوفر» كان عصاميا علَّم نفسه بنفسه، عمل في المزارع ثم منقباً عن الذهب.. وعمل على أرصفة الشحن والتفريغ في سان فرانسسكو.
وقد ألّف «أيريك هوفر» أكثر من عشرة كتب، منها: أهواء العقل.. وأزمنة التغيير.. ومزاج زماننا..
يقول الدكتور غازي القصيبي:
أقدمت على ترجمة هذا الكتاب برغم أنه صدر في منتصف القرن الميلادي المنصرم، وبرغم أنه لم يحظ بقدر كبير من الانتشار إلا أني وجدت فيه جوابا شافيا عن سؤال شغلني منذ أن بدأت ظاهرة الإرهاب تشغل العالم وهو: لماذا يصبح الإرهابي إرهابياً؟.
الإرهاب وليد التطرف، والكتاب معني بالتطرف، جذوره وبذوره، والمعادلة التي يعرفها المؤلف بسيطة ومقنعة في الوقت ذاته، وهي تبدأ بالعقل المحبط.. يرى الإنسان المحبط عيباً في كل ما حوله.. ويتوق إلى التخلص..
وهنا يجيء دور الجماعة الثورية الراديكالية التي تستغل ما ينوء به المحبط من مرارة وكراهية وحقد فتُسمعه ما يشتهي أن يسمع، وتتعاطف مع ظلاماته وتقوده إلى الكيان الجديد الذي طالما حنّ إلى الانصهار فيه.
من هذا اللقاء الحاسم بين عقلية الفرد المحبط الضائع وعقلية القائد الإجرامي المنظم ينشأ التطرف، ومن التطرف ينبت الإرهاب.
ودعا الدكتور القصيبي إلى القضاء على الإحباط بين الشباب عبر تكثيف الأنشطة، وقال: بزوال الإحباط يزول التطرف، وبزوال التطرف ينتهي الإرهاب.