Al Jazirah NewsPaper Friday  16/07/2010 G Issue 13805
الجمعة 04 شعبان 1431   العدد  13805
 
إيقاع
من كوفنتري
د. مها السنان

 

لا أريد أن أظهر بمظهر المتبجح الذي يسعى للحديث عن أسفاره ورحلاته، وإنما رغبةً في مشاركتكم، أتحدث عن بعض ما أراه وأعتقد أن فيه فائدة يمكن تعميمها.

ففي مدينة كوفنتري الصغيرة والواقعة شمال لندن بالمملكة المتحدة، أقضي مع 19 زميلة من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن برنامجا تدريبيا في كلية للفنون والتصميم بجامعة كوفنتري لنرى أبعاد تدريس التصميم والفنون الجميلة من الجانب الغربي الذي يفوقنا بمراحل علميا وتقنياً. خلال هذا البرنامج لمسنا عن كثب الفرق بين منتجاتنا الفنية وبين (إبداعاتهم)، نعم لا يزال الفن لدينا مُنتج في الغالب أكثر منه عمل إبداعي كما هو لديهم، ربما بسبب إصرار الغالبية لدينا على التقليد والنسخ واللصق.

وخلال هذا البرنامج أيضا بدأنا نتعرف عى بعض أسباب هذا الاختلاف، فجزء كبير منها ربما مرجعها أسلوب تدريس الفنون لديهم، وذلك في طريقة تحفيز الابداع، أو طريقة توجيه الأفكار، وأيضا تكثيف منافذ الرؤية البصرية، بل وتغذية الفكر والبصر معاً، ثم يرتكز الجزء الأكبر على كمية العمل اليومية والممارسة المستمرة خلالها، حيث من المفترض على سبيل المثال أن يقضي الطالب يومه مع جزء من ليله في الجامعة في ممارسة مستمرة لعمله وعلى مشروعه أو مشاريعه، فإذا كان دوام الفنيين وأعضاء هيئة التدريس ينتهي في حدود الخامسة مساء، فإن المراسم والقاعات بل حتى المكتبة المركزية مفتوحة حتى التاسعة مساء، كما يخصص لطلاب الدراسات العليا مراسم خاصة بهم يقضون جل وقتهم على مشروع أو مشاريع البحث. أيضا لمسنا حرصهم على ربط العمل الفني بالمتلقي سواء أكان تاجراً أم متذوقاً، بل العمل على تأهيل الطالب لسوق العمل أثناء الدراسة ومساعدته بعد التخرج من خلال دوائر متخلفة من العلاقات المهنية.

وربما كان أفضل قيمة لمسناها خلال هذه الفترة موجودة لدى أعضاء هيئة التدريس أنفسهم الذين يجب أن يكونوا ممارسين لمجال تخصصهم، هذه الممارسة من خلال العرض والمشاركات والحصول على الجوائز هي المعيار الأهم في استمرارهم على رأس العمل، إيمانا منهم أن فاقد الشيء لا يعطيه، فمعلم الفنون يجب أن يكون فناناً قبل أن يمتلك مهارات التدريس ليستطيع نقل خبراته إلى طلابه.

أختم بتأكيدي على أنني لست من النوع الذي ينبهر بالغرب فقط لأننا نراهم دائما أفضل، إنما أعتز بثقافتي، ولكن ما يؤلمني عدم التزامنا بالنهج النبوي والإسلامي بشكل عام في علمنا وعملنا، بينما نرى الغرب كذلك، وفي تدريس وممارسة الفنون نموذج آخر لهذه المغالطة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد