فاصلة:
((في البحر الهادئ يصبح الجميع ملاحين))
- حكمة لاتينية -
يقلق الكثير من السعوديين الذين يدرسون في الخارج بشأن دراسة أولادهم في مدارس بلاد الغرب وخاصة طلاب المدارس الابتدائية. وقلقهم يتركز من خوفهم على أفكار أطفالهم من التغريب ومن نسيان اللغة العربية.
ولأنني بعد أن جربت المدرسة السعودية في مانشستر لعام واحد ومن ثم رفضن بناتي إكمال الدراسة بها واكتفين بالمدارس الإنجليزية سأحكي عن تجربتي مع المدرسة الابتدائية التي ألحقت بها ابنتي وعد قبل عامين.
ككل أم مسلمة كان يقلقني أن المدرسة كاثوليكية وعندما زرتها اهتممت بقراءة اللوحات على الجدران ولفت نظري لوحة بها نبذة تعريفية عن الإسلام والمسيحية واليهودية وكنت أسأل ابنتي عما يدرسون مما يتعلق بالأديان وقررت أن أترك لها فرصة الانفتاح على جميع الأديان وكنت أناقشها في تعاليم أكمل الأديان وألفت نظرها إلى شموله وسماحته.
فيما يتعلق باللغة العربية كنت أحرص أن تكون اللغة السائدة في المنزل وأشّجع قراءتها للقرآن الكريم ففيه العلم وأسرار اللغة العربية.
كنت أرقب تطورها في التعلم عبر تشجيع مدرسيها ومدير المدرسة ودعمهم ليس فقط لتفوق الطلاب لديهم ولكن أيضا للالتزام بالحضور.
بالأمس مضى على دراسة «وعد» عامان وبذلك تكون تخرجت من المدرسة الابتدائية لتنتقل العام المقبل إلى المدرسة المتوسطة والثانوية (high school).
ذهبت في الصباح الباكر أوصلها إلى المدرسة وفي ذهني الحفل الختامي لأخواتها يوم كنا في الرياض لكني تفاجئت بما رأيت.
حفل المدرسة كان بسيطا ولا يوجد قاعة مخصصة أو مسرح، فقط مجموعة من الكراسي المتصلة التي يستعملها الأطفال عادة في تناول وجبة الغداء وورقة مطبوع عليها البرنامج. أما الجمهور فهو كل المراحل الدراسية من الحضانة وحتى آخر مرحلة.
لا يوجد أوراق مع مقدم الحفل بل كان تلقائيا في تقديمه للأطفال ولم يبدأ الحفل بكلمات رسمية، كنت أنظر إلى مدير المدرسة وعيونه تشرق بالسعادة وهو يقف ويتابع الطلاب والطالبات في تأديتهم للفقرات وفي النهاية كانت مسيرة الخريجين الصغار بسيطة كل اثنين يسيران ويؤديان حركة راقصة تعبيرا عن فرحهما ليبتسم الجمهور.
وبعد أن سلم المدير الأطفال شهاداتهم اختتم الحفل بكلمة مرتجلة تحدث فيها عن حالتين مختلفين تنتابه أحدها شعور بالحزن لفقده الأطفال الخريجين والآخر شعور بالفرح لأنهم سيتجهون إلى مرحلة متقدمة من التعليم، وأضاف أنه فخور بأولادنا لأنه التقى كل واحد منهم وسأله عن مهنته المستقبلية فكانوا جميعا طموحين وأن علينا أن نصفق لهم كثيرا ونسعد بهم.
فقرات الحفل كلها تصب في استعراض مهارات الأطفال وليس استعراض تقنيات المدرسة فلم يكن أحد من إدارة التعليم لديهم مثلا من الحضور، ولا أهمية لوجود الضيافة فالجميع مشغولون بإسعاد الأطفال.
الابتسامة لم تفارق الجميع حتى أن أحد معدي فقرات الحفل سأل الطلاب هل تحبون ما تعملونه الآن؟ قالوا: نعم. قال: إذن ابتسموا وأنتم تؤدونه.
سرحت بتفكيري في حفل مدارسنا وتساءلت كيف تعلمنا أن نحذف الفرح من قائمة حياة أطفالنا في المدارس!!
nahedsb@hotmail.com