رئيس الوزراء البريطاني السيد / كاميرون، زار الهند التي كانت فيما مضى مستعمرة بريطانية، فنالت استقلالها واستطاعت في الفترة الأخيرة دفع معدلات النمو الاقتصادي فيها بنسب عالية، تراوحت بين 8% و12%، وهي معدلات كبيرة في دولة يزيد عدد سكانها عن مليار نسمة، وصلت إليها بفضل ارتفاع كفاءة الإنتاج لدى الشعب، وقدرته على مسايرة التقدم العالمي لا سيما التقني الذي شهده العالم في الفترة الأخيرة.
ولم يتحقق ذلك المعدل من خلال اكتشافات لموارد طبيعية شاء الله تعالى أن تبقى في مكامنها ملايين السنين حتى يأتي من يكتشفها ويفيد منها، ولنا أن نتصور ارتفاع معدل الكفاءة الإنتاجية لنسبة من مليار نسمة، ليتبين لنا أن تلك العقول التي تتقدم بسرعة كبيرة تنم عن تنمية مستدامة، قد تصل بالعالم إلى تغير في ميزان القوى الاقتصادية ومن بعدها العسكرية، ولا بد أن يرافق ذلك تغير في الوضع الاجتماعي والنمط المعيشي لشعب الهند المتعدد الأعراق واللغات والمعتقدات.
لذا فيمكننا أن نتوقف عندما رمى إليه رئيس وزراء بريطانيا في زيارته تلك، وذلك العدد من رجال الأعمال الذين صاحبوه، والعقود التي وقعها مع الحكومة الهندية، جازماً أنه سيحقق الفائدة لوطنه المملكة المتحدة، بغض النظر عما سطره التاريخ من علاقات استعمارية تلتها علاقات فتور، دامت فترة غير يسيرة من الزمن كان للجارة اللدود باكستان نصيب الأسد في تميز العلاقات معها ومع الدول الغربية الأخرى الداعمة لباكستان آنذاك.
باكستان الدولة المسلمة التي يزيد عدد سكانها عن مائة وخمسين مليون نسمة، بعد أن كان أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة لولا انفصال باكستان الشرقية عن الغربية التي سميت فيما بعد دولة بنغلادش بعد حرب قادها حزب عوامي، ربما بدوافع اجتماعية، أو مطامع شخصية، أو مصالح دولية أدت إلى الانفصال، وقبل هذا الانفصال كان انفصال باكستان بشقيها الغربي والشرقي عن الهند بقيادة محمد علي جناح، وفي عصر الشاعر المشهور محمد إقبال.
الرئيس البريطاني أثناء زيارته للهند، أطلق تصريحات أغضبت باكستان وحدت برئيس الاستخبارات إلغاء زيارته لبريطانيا، كما أنها ستكون نقطة هامة في المحادثات المقبلة بين رئيسي وزراء باكستان وبريطانيا، تلك التصريحات أشار فيها السيد - كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إلى محنة باكستان مع المجاميع المتشددة التي جلبت الوبال على باكستان، وأصابتها بنارها قبل أن يكتوي بنارها غيرها من الدول، وكانت باكستان تتوقع من رئيس الوزراء البريطاني مؤازرة لها في حربها ضد الإرهاب، وترويض الجماعات المتشددة التي لا تدرك مدى الخطر الذي تجره على الإسلام والدول الإسلامية.
أطلق رئيس الوزراء البريطاني نقداً مبطناً لباكستان في تعاملها مع الإرهاب والجماعات المسلحة، وأطلق قذيفة أخرى وهي رفع الحظر في المجال النووي السلمي، وتحرير تلك القيود التي كانت مضروبة على الهند بعد امتلاكها للسلاح النووي، وهذا لا شك سيثير حفيظة باكستان وربما سيعجل في تسارع السباق النووي بين الدولتين، وهو ما يتعارض مع التوجه العالمي للحد من انتشار السلاح النووي.
باكستان لا بد أنها تعلم أن العالم يبحث عن مصالحه، وأن المصالح في الغالب تتعامل مع الدولة القوية بكثير من الاحترام، ولهذا فلا بد من تغيير شامل في الهيكلة الإدارية ربما يجعل باكستان تحذو حذو الهند في معدلات النمو والتقدم المبني على الاستفادة من العقول ورفع كفاءة الأفراد، وهي التي تملك قدرات عقلية تتماثل تماماً مع الهند، لكون تلك الدول قد عاشت آلاف السنين في بيئة واحدة متمثلة في شبه الجزيرة الهندية، ولا بد لباكستان أن تغير النمط الإداري لأنها القادرة، كما أنها دولة إسلامية لها ثقلها في عالمها والدول المحيطة بها.
حلفاؤها من الدول الغربية سيغيرون قبلتهم إذا ما وجدوا مصالحهم في اتجاه آخر، ولكي تبقى باكستان جاذبة لأولئك الذين يبحثون عن المصالح فعليها أن تكون منارة كفاءة وقدرات علمية وإنتاج متميز، كما هي حال الصين والهند الآن، وقبلها كوريا وماليزيا وغيرها من نمور آسيا الجدد.
إن باكستان عزيزة علينا جميعاً ولديها القدرة على الإبداع وبه وحده سيكون العالم في حاجتها وليست في حاجته، متمنين أن يسود الخير والسلام والمحبة أرجاء العالم.