ممارسة العمل في أسهم الشركات والمؤسسات الوطنية التي تطرح للاكتتاب العام وذلك عن طريق الشراء والبيع نشاط اقتصادي أصبح له أهمية في المجتمع السعودي مؤخراً وأصبح العمل فيه يضاهي العمل في نشاط العقار، ونشاط العمل في الأسهم متاح لكافة المواطنين بمن فيهم الموظفين الحكوميين، مما جعل البعض يستغرب دخول الموظفين الحكوميين العمل في مجال الأسهم مع أنهم موظفون ويتقاضون رواتب من الحكومة، إضافة إلى أن الأنظمة الحكومية تحظر على الموظف ممارسة الأنشطة التجارية لكي يتفرغ لعمله ولكي لا ينافس المواطنين الآخرين من غير الموظفين.
ما يمكن لنا قوله في هذا الجانب إن الأنظمة الوظيفية الحكومية حظرت بالفعل على الموظف ممارسة العمل التجاري إلا أنها في نفس الوقت سمحت له بممارسة أعمال أخرى بالإضافة لعمله الحكومي، فالعمل التجاري المحظور أو الممنوع على الموظف هو ذلك العمل الذي يؤدي إلى اكتساب صفة التاجر ويتطلب الحصول على سجل تجاري من وزارة التجارة والصناعة كتأسيس الشركات والمؤسسات وفتح المحال التجارية سواء باسمه شخصياً أو باسم أحد أولاده القصر والعمل في المقاولات أو التوريد أو الصرافة لكون العمل في هذه المجالات يتطلب تفرغاً وجهداً يتعارض مع التزام الموظف بوقت عمله الحكومي، إضافة إلى كونه النشاط الذي يؤدي إلى منافسة المواطنين الآخرين ممن يحترفون العمل في هذه الأنشطة.
أما الأعمال التي سمح للموظف بممارستها بالإضافة لعمله فمتعددة كقيامه بالاستفادة من العقارات المملوكة له إما بالإيجار أو البيع، وبيع ثمار وإنتاج المزارع التي يملكها أو يزرع فيها، والقيام بأعمال الوكالة بأجر عن شديدي الصلة به من الأقارب كالآباء والأبناء، وبيع إنتاجه الفني كالرسم والخط، والفكري كالتأليف والنشر، وتملك الحصص والأسهم في الشركات المساهمة والشركات ذوات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية.
وتتمثل الحكمة في السماح للموظف بمزاولة هذه الأنشطة لكونها تتعلق بأسباب منطقية ووطنية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فالسماح للموظف بتأجير أو بيع عقاراته أمر منطقي، وقيامه ببيع ثمار مزرعته فيه تشجيع على الإنتاج الزراعي المحلي، وقيام الموظف بالوكالة ولو بمقابل مادي عن أقاربه فيه تقوية للروابط الاجتماعية وصلة ذوي الأرحام، وقيامه باستغلال إنتاجه الفني والفكري فيه إنعاش للحركة الفنية والأدبية المحلية، أما قيامه بالمساهمة في نشاط الأسهم فمن أجل دعمه الحركة الاقتصادية في بلادنا، وفي نفس الوقت تحسين وضعه المادي لمواجهة متطلبات الحياة إذ إن نشاط الأسهم يعتبر عملاً وطنياً يتم من أجل تحقيق مصلحة عامة، لذلك أتيحت الفرصة لكافة المواطنين سواء كانوا موظفين حكوميين وغير حكوميين أو غير موظفين للمشاركة فيه، ثم إن نشاط الأسهم لا يتطلب تفرغاً أو جهداً غير عادي، كما لا يتطلب فتح محلات أو استقدام عمال مما يجعله غير متصف بصفات وسمات العمل التجاري وفي نفس الوقت لا يؤدي إلى إشغال الموظف سواء كان حكومياً أو غيره عن عمله الأساسي، وإذا كان يوجد من الموظفين من يستغل وقت الدوام المخصص لوظيفته في متابعة حركة الأسهم عن طريق أجهزة العمل من جهاز الحاسب أو الهاتف فإن ذلك يعتبر مخالفة يمكن معالجتها عن طريق المتابعة من الرؤساء والمشرفين وإذا تكرر هذا التصرف من الموظف رغم التنبيه عليه بشأنه فيمكن مساءلته ومعاقبته تأديباً حسب نظام تأديب الموظفين.