تأتي مبادرة - خادم الحرمين الشريفين - الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والمتعلقة بإنشاء «مركز دولي لمكافحة الإرهاب»، من الأهمية بمكان، كون المملكة هي الرائد في التصدي لآفة الإرهاب، وانطلاقا من التزامها الكامل بثوابت الإسلام، .....
...وقيمه، وأحكامه. مما يجعل هذه الجريمة شأنا دوليا وعالميا يعمل على مكافحته، ويتطلب تضافر الجهود؛ لقطع دابره، واجتثاث جذوره. -خاصة- وأن الإرهاب أصبح يمثل ظاهرة عالمية، خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، اكتوى بنارها الجميع.
هذه المبادرة، تؤكد على: أن التعاون الدولي بات عزيمة عالمية جماعية، وعنصرا هاما في محاربة الإرهاب. وهذا -بلا شك- يتطلب الاستعداد التام؛ لتبادل البيانات الأمنية بين الدول. وتحصين الرأي العام إزاء ظاهرة التطرف -بكافة أشكاله وصوره-، عن طريق توفير البدائل الفكرية المناسبة، بهدف تحصيل هذه الفئة من الانحراف، وتعزيز انتمائهم وولائهم للوطن. إضافة إلى أن تحديد أسباب الإرهاب، وإزالته، يجب أن يتقدم على اتخاذ التدابير لمنع الإرهاب. واتباع إستراتيجية شاملة تتضمن التعامل مع كل هذه الأسباب مجتمعة، دون إسقاط أي منها.
طرح هذه المبادرة أمام المحافل الدولية، كالأمم المتحدة، يؤكد أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية -كما ذكرنا-، لا يستثني أحدا من البلدان والشعوب، إذ لا دين له ولا وطن. والإسلام دين بريء منه فكرا وسلوكا، ولا يجيزه، ولا يؤيده، ولا يدعو إليه. بل إن الإرهاب من أقدم الظواهر المتأصلة في المجتمعات الإنسانية.
من المتفق عليه، أن مواجهة الإرهاب تتطلب وقفة تأمل، والبحث عن أسبابها وجذورها، وكيفية معالجتها والتصدي لها، بعيدا عن الصراعات السياسية، والخلافات الحضارية، والعوامل الأيدلوجية. كما يتطلب -أيضا- أعلى درجات التعاون، والتنسيق بين أعضاء المجتمع الدولي. ورغم الجهود التي بذلت للحد من هذه الظاهرة، إلا أن ما حصل من تفجيرات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، في السعودية، ومصر، والجزائر، والمغرب، واليمن، وإندونيسيا، وتنزانيا، والصومال. إضافة إلى تنامي الحروب والمجازر الوحشية في فلسطين، وأفغانستان، والعراق، دليل واضح على أن النتائج غير مرضية، من جهة. ومن جهة أخرى، يعكس مدى الأزمة الأخلاقية الحادة، والتي تتمثل في التناقض الواضح، بين ما تنص عليه المواثيق الدولية من مبادئ وقيم، وما تنم عنه تلك الممارسات من سلوكيات قبيحة.
ترك الإرهاب آثارا مدمرة لا تمحى، واستطاع أن ينشر الرعب بين الناس؛ لتحقيق غاياته وأهدافه. ونال العالم الإسلامي حصة الأسد من هذه الجرائم. ولأننا أمام صفحة سوداء غير مشرقة، فإن الثابت في معركتنا مع هذه الآفة العالمية، تنطلق من قناعات شرعية وإنسانية، تبرز أهمية المواجهة الشاملة للإرهاب. إذ إن القضية تهم أوطانا وشعوبا، وتلك هي المعادلة الصعبة، في ظل الإجماع الدولي على محاربة الإرهاب.
drsasq@gmail.com