يُعد موقع اليوتيوب (YouTube) من المواقع التي لا يكاد يمر يوم دون أن يعرج عليه مدمنو الإنترنت لسبب أو آخر، وبما أنني من مدمني الإنترنت كذلك، فهو من المواقع التي لا أذهب إليها بشكل مباشر ولكن أزورها حين تتبع رابط وصلني عبر البريد الالكتروني، وعادتي أنه إذا بدأت في عرض مقطع ورأيت المقاطع المُعلن عنها ذات الارتباط على الشريط الجانبي للصفحة، أستمر في المتابعة، إلى أن وصلت لمقطع فيه تصوير لأغنية (أنا الخليجي) ربما يعود لعام 84 أو 85م، تؤدي فيه نوال الكويتية تلك الغنية مع كل من عبدالمحسن المهنا وعبدالكريم عبدالقادر، وكانت نوال حينها حديثة التخرّج من المعهد الموسيقي في الكويت حسب إفادة أحد المواقع. ما يهم في الأمر نقطتين أردت إثارتهما هنا؛ الأولى متعلقة بالمرأة والأخرى بالموهبة أو التميز.
أما فيما يتعلق بالمرأة فهو في اختيار نوال لهذا العمل رغم صغر سنها ومحدودية خبرتها مقارنة بعبدالكريم عبدالقادر على سبيل المثال، ومع ذلك أعطيت تلك المساحة ربما فقط لأنها امرأة «كويتية» في وقت كانت المطربة الكويتية عُملة نادرة!، فإذا كان الحال كذلك فهو أمر نتعايش معه اليوم ونراه يتكرر كثيرا في المجال الثقافي من خلال إتاحة الفرصة أمام المرأة فقط لأنها امرأة، ومن ناحية أخرى بل من زاوية ربما تكون متناقضة مع الحال الأولى، حين نبحث عن التميز أو الموهبة، نجد أن البعض من النساء قد يمتلكن من القدرات والمهارات ما يفوق الرجل، وفوق ذلك عزيمة ورغبة ودافعية لتنمية الذات لا نجدها موازية لتلك التي يُبديها الرجال. ولكن (خصوصة المجتمع) أو (شماعته التي نعلق عليها فشلنا وتأخرنا) قد تعيق بعض المواهب، خصوصاً لدى العائلات التي لا تكترث للإبداع الصادر من المرأة على اعتبار أن مكانها البيت وأملها الوحيد في الزواج..... مهما كانت عواقبه.... مما يعيق ظهور المواهب وصقلها وممارستها لتلك المهارات التي تبدع فيها... وهنا نعود مرة أخرى لنوال الكويتية، فرغم أنه أتيحت لها فرصة في فترة مبكرة ألا أنها أثبتت قدرتها وموهبتها بدلالة حضورها القوي اليوم نسبة لحضور عبدالكريم عبدالقادر على سبيل المثال أيضاً!، وكلنا نعلم أنه لم يكون وصولها مبني على الشكل! فهي لا تملك مؤهلات هيفاء وهبي شكلياً، ولكنها على المستوى الخليجي تتربع قمم التميز بصوتها وأدائها.الشاهد في الموضوع أن هناك مواهب نسائية عديدة، وأتحدث هنا عن الجانب الثقافي ومنها الفنون البصرية على وجه الخصوص، يجب أن تتاح لهن فرص الظهور وقبل ذلك التدريب والاحتكاك وبعدها سوف يتوقف البعض منهن عن الممارسة والعرض، وذلك بعد عدد من التجارب خصوصا إذا ما مررن بعملية نقدية أو تقويم سليم، بينما ستستمر المتميزات في الإبداع، فإذا لم يكن بإمكاننا حسن الاختيار منذ البداية، فالتجربة الفعلية ستكون خير من يميز الزجاج من الألماس!!