Al Jazirah NewsPaper Friday  06/08/2010 G Issue 13826
الجمعة 25 شعبان 1431   العدد  13826
 
مستحضرات دوائية مفتوحة المصدر
جاكي هنتر

 

في الأعوام الأخيرة كان قدراً كبيراً من الاهتمام منصباً على تباطؤ صناعة المستحضرات الدوائية في تقديم عقاقير جديدة ونقص إنتاجيتها. بيد أن أزمة الإبداع هذه تؤثر أيضا على شركات التكنولوجيا الحيوية التي تعتمد عليها الآن شركات المستحضرات الدوائية والصيدلانية الضخمة باعتبارها سبيلاً مباشراً لتطوير عقاقير جديدة.

وكان ذلك سبباً في انطلاق عدد من الدراسات في كافة جوانب أبحاث الطب الحيوي وعملية التطوير، في ظل محاولة الشركات لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة والإنتاجية. وكانت النتيجة اندماج الشركات، وإعادة التنظيم، وخسارة عشرات الآلاف من الوظائف في هذه الصناعة. ولكن لا يبدو أن أياً من هذه التغيرات أدت إلى التحول الجذري اللازم لتمكين الشركات من البقاء والازدهار.

ولكن ما هي سمات هذا التحول؟ يقترح البعض التخلي عن النظام الحالي القائم على براءات اختراع العقاقير وتمويل مشاريع البحث والتطوير في مجال صناعة المستحضرات الدوائية عن طريق فرض الضرائب أو تبني نظام قائم على الجوائز. وثمة توجه آخر في حل المشاكل المرتبطة بالإبداع وهو التوجه الذي تبنته صناعة برمجيات الكمبيوتر على سبيل المثال ويتلخص في الانفتاح قبل المنافسة والتعاون بين الشركات المختلفة.

ورغم ذلك فإن عدداً قليلاً من الشركات أظهرت استعداداً لتكريس الوقت والجهد والموارد لتبني طريقة مختلفة جذرياً في العمل. بيد أن الفوائد الملموسة وغير الملموسة المترتبة على تبني أشكال جديدة من التعاون الحد من تكاليف الفشل، واستغلال الملكية الفكرية غير المستغلة، والاستعانة بآليات التمويل الخارجي، وزيادة القدرة على الوصول إلى شبكات المواهب، وترسيخ قدر أعظم من الثقة بين المرضى وغيرهم من أصحاب المصلحة قد تكون هائلة. فضلاً عن ذلك فإن هذه الفوائد لن تتحقق بواسطة شركات المستحضرات الصيدلانية فحسب، بل وأيضاً بواسطة الأكاديميين وغيرهم من المتعاونين.

ويتلخص أحد سبل تجريب هذه التوجهات الجديدة في تجربتها داخلياً أولا. والتحدي الذي تواجهه المنظمات الضخمة الآن يتمثل في تسخير المعارف التي يتمتع بها العاملون لديها من خلال كسر الحواجز والتقريب بين الناس بهدف تقاسم الرؤى والأفكار والمعلومات. ولقد عمل ظهور برامج الحاسوب مثل برنامج شير بوينت لشركة ميكروسوفت على تيسير عملية تقاسم وتبادل البيانات والمعلومات، ومن الجدير بشركات المستحضرات الصيدلانية أن تحاكي الشركات في قطاعات أخرى، مثل شركة أروب، التي نجحت في تصميم أنظمة ممتازة للوصول إلى المعرفة عبر المؤسسة بالكامل.

ولقد استعرضت بعض شركات المستحضرات الصيدلانية مثل ليلي وفايزر القوة الكامنة في هذا التوجه من خلال الاستعانة بأنظمة داخلية في البحث عن الحلول للمشاكل على مستوى المؤسسة بالكامل. ولكن من الواضح أن العديد من التحديات التي تواجه عملية تطوير الأدوية باتت أضخم وأكثر تعقيداً من أن تتمكن أي شركة أو مؤسسة منفردة من حلها داخليا.

ولقد أدى هذا إلى تعزيز مستويات التعاون قبل المنافسة وغير ذلك من أشكال التعاون بهدف الوصول إلى الإبداع الخارجي ومعالجة العراقيل المحيطة بمحاولات اكتشاف العقاقير الجديدة وتطويرها. ولكن شركات المستحضرات الصيدلانية والدوائية تصر على وضع افتراضات مسبقة بشأن حدود التعاون في مرحلة ما قبل المنافسة، ولابد من الطعن في هذه الافتراضات وتفنيدها.

للوهلة الأولى قد يبدو من المنافي للمنطق والعقل أن تكون الشركات راغبة في تبادل البيانات فيما بينها والتخلي عن المزايا التنافسية. ولكن هذا يقتضي ضمناً أن حيازة مثل هذه البيانات تشكل بالفعل ميزة تنافسية، وأن نماذج العمل المنغلقة قادرة على الاستدامة ماليا.

إن العقاقير والأدوية التي تصل إلى السوق لابد وأن تعوض تكاليف فشل الأدوية التي لم تصل إلى السوق. وكما أشار تقرير صادر عن مورجان ستانلي مؤخراً فإن معدلات نجاح صناعة المستحضرات الدوائية الحالية ليست كافية لدعم إنشاء منظمات داخلية ضخمة للبحث والتطوير، الأمر الذي يجعل نموذج عمل الصناعة الحالي غير قابل للاستمرار من الناحية المالية. لذا، يتعين على الشركات إما أن تعمل على تحسين معدلات النجاح أو الحد من تكاليف الفشل.

هناك سببان رئيسيان لفشل الأدوية: عدم فعاليتها مع البشر، وسميتها غير المتوقعة. لذا فمن غير المستغرب أن تقتصر مناطق التعاون الرئيسية على تطوير الأدوات والتكنولوجيات القادرة على التحقق من الأهداف واكتشاف المؤشرات الحيوية وإثبات صحتها فيما يتصل بالفعالية والسمية. ولقد تم تشكيل العديد من الاتحادات الضخمة بين شركات القطاعين العام والخاص، بما في ذلك مبادرة الأدوية الخلاقة، ولكن هذه الجهود تحتاج إلى التنسيق والتكامل من أجل تحصيل أعظم قدر ممكن من الفائدة.

في المستقبل سوف تكون شركات المستحضرات الدوائية الأكثر فعالية بمثابة المحور في وسط شبكة من المتعاونين والموردين، الذين يركزون داخلياً على كفاءاتهم الأساسية، والتي قد تشتمل على الكيمياء الطبية، أو تنفيذ التجارب السريرية، أو المبيعات والتسويق. وسوف تعمل هذه الشركات على تيسير التفاعل عبر الشبكات من أجل حفز تنمية الأنظمة البيئية المبدعة.

والواقع أن الفرص الناجمة عن ذلك فيما يتصل بالتوسع إلى ما هو أبعد من المنتجات والأسواق التقليدية من شأنها أن تمكن شركات المستحضرات الدوائية من تطوير نفسها إلى شركات تعرض نطاقاً واسعاً من الحلول في مجال الرعاية الصحية. ولن يقتصر هذا على أدوية الوصفات الطبية فحسب، بل سيشتمل أيضا على سبل التشخيص، والأدوية ذات العلامات التجارية غير المحددة الملكية، والتكنولوجيات التي تدعم الطب الشخصي، فضلاً عما يطلق عليه»العقاقير الغذائية» وغير ذلك من»خيارات الصحة».

ورغم أن حجم العديد من منظمات البحث والتطوير من المحتم أن يتقلص بفضل مثل هذه الإصلاحات، فإن التعقيدات المرتبطة بإدارة هذه الشبكة الخارجية من العلاقات وتعظيم التأثير الناجم عنها سوف تتطلب مهارات وقدرات جديدة زيادة على تلك التي يتسم بها العمل العلمي الممتاز. ولا شك أن تنمية ومكافأة العاملين الذين يتمتعون بمثل هذه المهارات سوف تشكل تحدياً إضافياً، ولكنه موضع ترحيب. وقد لا يكون هذا كافياً لتحويل صناعة المستحضرات الدوائية إلى مصدر مفتوح، ولكنه كاف لجعلها أكثر انفتاحاً على الإبداع والابتكار.

جاكي هنتر الرئيسة التنفيذية لشركة فارميفيشن




 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد