إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبتاه لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }، وجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لك.
بقلم مؤمن بقضاء الله وقدره يا أبي أتقبل خبر وفاتك الذي بلغني صبيحة يوم الخميس 17-8-1431هـ وأحمد الله سبحانه وتعالى أن قبض روحك وأنت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقد أبحت أبناءك وبناتك ونساءك، وحللتهم ليلة وفاتك بعد أن أعلم من حولك بدنو أجلك وأنك ميت، فأحسن الله العزاء وجبر المصاب وعظم الله أجرنا فيك يا أبي، فمصابك الجلل ترك بقلبي ألم وأسى، فأنت القلب والفكر، فما عسى روحي يا أبي بعدك أن تكون إلا أشتات ممزقة، والفكر داخل في دوامة أصداء وضجيج لا ينتهي، فنظري من بعدك يا أبتي قصر تحت قدمي، بل لا أكاد أبصر النور وأنا أتجرع مرارة فقدك كالعلقم.
أبتي أنت الجذع ونحن الغصون، وكيف تعيش الغصون بدون جذعها؟!
أبتي غربتي في الحياة طويلة في حياتك، فكيف ستكون حياتي من بعد فراقك الدنيا، فهل أظل أعيش بلا ظلال تحت شمس حارقة تحيط بي نيران مسعرة من كل جانب.
في أيام حياتك كنت أعدو بظل منك سامٍ، واليوم يا أبتي ما عساه يكون سعيي من بعدك!! هل هو هباء قاده العثر؟
كما أشتاق إلى وجودك في حياتي وإن كنت يا أبي علي قاسي، فلك الحق في القسوة علي فأنت أبي.
ولكن الحمد لله رب العالمين يا أبي، فقد رحلت عن دنيا عفنة إلى جنات الخلد بإذن الواحد الأحد، وما رأيته صبيحة يوم وفاتك في منامي، وكذلك ما رأيناه من نور مشع من وجهك عند تجهيزك، هي مبشرات لقلبي لك بسعادة لا منغص لك فيها ولا كدر، فما أصابك في حياتك من هموم ومصائب كان آخرها صبرك على الألم والمرض، هو بشارة خير لك للقادم من حياتك الدائمة في جنة عرضها السماوات والأرض -بإذن الله تعالى-.
كيف لا وأنت قد أوقفت عقارات وأموال على أعمال البر بأنواعها وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم ما هي إلا أنموذج من ذلك الخير الذي أوقفته رغبة فيما عند الله من أجر وثواب - لا حرمك الله أجرها وأعلى بها منزلك في جنان الخلد يا أبي-.
فكم مصابك يا أبي من ألم اعتصر قلوبنا وضاقت بنا رحاب الدنيا حتى لكأنها أصغر من ثقب الإبرة، لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم يا علي يا عظيم يا كريم يا رحيم ارحم والدي برحمة واسعة وأسكنه جناتك وأرفع درجاته في المهديين، وأكرم نزله وأعل نزله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء، وارزقنا الصبر والرضا والسلوان، وعوضنا في مصيبتنا لقياه في جنانك يا أرحم الراحمين.
سليمان بن صالح المطرودي
ابنك المقصر بحقك
sssm1389@gmail.com