هذه العبارة وردت ضمن عنوان في جريدة الوطن لتغطية قام بها الزميل الفنان التشكيلي والصحفي يوسف الحربي عن محاضرة شاركت بها في صيف أرامكو 31 بالظهران وكان عنوانها (مفهوم النقد في الساحة المحلية)، وجاءت العبارة كاقتطاع الآية (لا تقربوا الصلاة) دون إكمالها، فالمقصود بتلك الجملة أو النسبة المئوية كما جاءت في سياق المحاضرة هو ثقافة الحوار والتحاور وسماع الرأي الآخر والتفاعل مع وجهات النظر واختيار سبل الإقناع بعيدا عن الإحساس بأن من لا يوافقك الرأي عدوا لك متصيدا لأخطائك، وأنه ليس هناك عمل أو إنجاز دون قصور، وقد وجدت تلك العبارة بهذا (الاجتزاز) ردود فعل بعض التشكيليين والتشكيليات، وكأني بما أورده الزميل يوسف قد وضعت يدي على الجرح أو أنها أشعرت أولئك البعض أن (على رؤوسهم) بطحا كما يقال فاعتبروني الوحيد المثقف مع أني تركت لهم مساحة العشرة بالمائة للمثقفين في الساحة التشكيلية لعله أن يجد فيها هؤلاء الغاضبين متسعا إن كانت تنطبق عليهم شروطها.
الثقافة بمفهومها العام أخْذ شيء من كل شيء ولكل علم أو تخصص ثقافته ولكننا هنا نعني ثقافة الحوار وكيفية التحكم في كبح جماح النفس بعيدا عن مبدأ أن ما في القلب على اللسان فمثل هذا الفعل في أي وسيلة كانت، الحديث المباشر أو الرسائل أو عبر وسائل الإعلام خصوصا المكتوبة قد يخرج المتحاورين عن الهدف ويضيع بسببها الصيد في العجاج وتزداد الفرقة وتكبر كرة الثلج التي تجد متطوعين لدحرجتها لقفل باب إصلاح ذات البين.
لقد أشرت في المحاضرة أن تسعين بالمائة في الساحة يفتقدون ثقافة الحوار تجاه النقد ويمتلكون ثقافة الأداء، البعض منهم لا يجيد تفسير ما يقوم به من إبداع، وهذه أيضا من القضايا ومعوقات إيصال الفكرة للمتلقي، وقد يكون الفنان غير ملزم بهذه القدرة، بعد أن أصبح العمل تحت مجهر النقاد بمختلف أساليبهم ومناهج نقدهم فهم المعنيين باستخلاص النص المكتوب من العمل الفني بأبعاده.. فكرا وتقنية.
ومع أن تلك النسبة غير موثقة وإنما هي (رأي صواب يحتمل الخطأ)، فإنه من الجميل أن بعض أولئك المعترضين أو الغاضبين عليها شاهدوا في اجتماع الجمعية العمومية الأخيرة كيف برزت بعض ملامح نقص ثقافة الحوار وكيف ظهر على السطح ما كان في أسفل الإناء وكيف ثارت ثائرة البعض وكيف خرجت العبارات دون تحكم أو ترشيح أو تقييم للموقف وللهدف الذي حضر الجميع من أجله، وأنا هنا لا أعترض على الانفعال حينما يكون مؤطرا بالأدب والتحكم في الأعصاب المؤدي إلى نتيجة.. الانفعال الإيجابي المسالم وليس العدواني.
monif@hotmail.com