حين يكون الحديث عن رمضان فإن قلمي يصاب بالعيّ ويرتعش من هيبته ويتوارى خجلاً وحياء فشهر عظَّمه المولى سبحانه وجعله خير شهور العام كيف لقلمي الواهن أن يسكب مداده متحدثاً عنه؟ ولكني سأرغمه أن يحظى بهذا الشرف العظيم ويغرف بعضاً مما في فؤادي من مشاعر وأحاسيس تجاه هذا الزائر الكريم هذا الزائر الذي يُحلّق بأرواحنا في فضاءات السمو الإيماني وينقي قلوبنا من أدران الذنوب والمعاصي ويهذب نفوسنا مما يلحقها من كدر الهوى وقتر الدنيا ويجعلها قوية ثابتة أمام عواصف الشيطان ونزغاته.
«رمضان» كلمة عظيمة لها في نفوس الصالحين صدى ولها في قلوبهم مهابة حروفها خمسة يندرج تحت كل حرف منها العديد من المعاني فالراء تحكي الراحة والرحمة والرفق والرأفة والرجاء والرخاء والميم وتحكي المنة والمنى والضاء وتحكي الضياء والضيافة والضمان والألف وتحكي الأنس والأمان والإيمان والأمل والنون وتحكي النجاح والنور والنقاء والنبل والنماء.
وكل هذه المعاني وأكثر منها يحتويها هذا الشهر المعظم فما أحرانا أن نرد هذه الحياض الطاهرة ونستقي منها ما يروي ظمأ قلوبنا من جراء رمضاء الحياة ونرطب ألسنا بآي القرآن كي تزهر أروقة الفؤاد إيماناً وتعشب رياضة بهاء، كيف لا يكون ذلك وقد أكسب هذا الكتاب المبارك بنزوله في هذا الشهر عظمة ورفعة ومكانة وأصبحا قرينين أثيرين وشفيعين للعبد يوم القيامة فلنملأ لحظات هذا الشهر ودقائقه ذكراً، وعبادةً، وصياماً، وصلاةً، ودعاء فهي لعمر الحق لحظات غالية هنا سيضع قلمي ريشته هانئاً ليس لأنه عاجز عن المواصلة ولكن ليستنشق عبير رمضان بكل هدوء وانتشاء فحروفه تضوعت بعبق المسك الرمضاني الروحاني خاتماً جولته بهذه الدعوة: اللهم اجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً واحتساباً.