السرقة واللصوصية والتحايل الإلكتروني تشمل أشياء كثيرة. أموال تسرق من الحسابات وتحول من بنك إلى آخر، بطاقات ائتمانية تسرق إلكترونيا وتستخدم. شهادات وجوازات وبطاقات وصور تزور إلكترونيا. فك شفرات ....
...وتلصص لسرقة صور ومعلومات تتم. سرقة بيانات وأبحاث تتم من خلال لصوص الحواسيب. تدمير برامج لمؤسسات علمية ومراكز بحوث تتم من خلال لصوص الحاسوب. اختراق أنظمة دفاعات وشبكات المعلومات السرية تتم بين الدول وتتنافس في ذلك. قواعد بيانات لوزارات هامة مثل وزارة الدفاع الأمريكية تخترق. فما بالك بالدهماء وعامة الشعب الذين لا يملكون من وسائل الدفاع عن حواسيبهم سوى الفتات من برامج الحماية التي قد يكون بعضها مزورا والجيد منها يكون فوق قدرة الغالبية ويستصعب الناس شراءها.
ولعلني هنا أسوق حادثتين ليستا فريدتين ولكن عشتهما وغيري لديه الكثير من القصص والحكايات وإنما هما للتذكير.
في يوم من الأيام من السنة الفارطة وصلني بريد إلكتروني كما وصل لزملاء لي كثر يشير إلى أن مرسله زميل لنا. مفاده أن هذا الزميل تقطعت به السبل في أستراليا وأنه أصبح في حالة يرثى لها ويكاد يكون بلا مأوى ولا زاد وأنه يستنجد بمساعدته بمبالغ مالية لأن كل أمواله سرقت وأصبح بلا حول ولا طول. لقد كان زميلنا هذا في بحبوحة من العيش وبسطة من الرزق جوادا سخيا كريما. كل من قرأ البريد الإلكتروني صعق واستنكر واستغرب، والبعض فكر في طريقة كيف يساعد هذا الزميل والغالبية كان لديها استعداد للمساهمة بمبالغ محترمة. ولكن البعض ساوره الشك وقرر أن يجري اتصالا بزميلنا وهكذا صار. كانت المفاجأة أن لا صحة للبريد الإلكتروني وإن كلمة السر اخترقت وسرقت وحصل ما حصل فما كان من زميلنا إلا أن أرسل لكافة الزملاء يبلغهم بالحقيقة وأن لا صلة له بما أرسل ويعتذر عما سببت لهم من إزعاج ويشكر كل من همّ بإرسال ما تجود به نفسه لمساعدته.
وقبل يومين كنت أتجاذب أطراف الحديث إلكترونيا مع أحد الأحبة وكان المعتاد ألا يطول الحديث. ولكن في تلك الليلة الرمضانية ورغبة في الاقتراب من وقت السحر ولطلاوة الحديث استمر تجاذب أطراف الحديث ولكن كان يظهر لي بين كل رسالة وأخرى رابط إلكتروني غير مباح وكان ذلك واضحا من عنوانه. استغربت واستنكرت وبطبيعة الحال لم أفتحه ولم أسال محدثي عما أرسل. وقلت النفس أمارة بالسوء ولعله بالخطأ وحاولت ألتمس الأعذار ولكني كنت مستغربا منه إرساله ذلك الرابط الإلكتروني. ومع استمرار الحديث بدأ نفس الرابط يصلني. ولما تكرر سألت محدثي هل أرسلت رابطا لي فسألني باستغراب بعد أن أنكر ما هو الرابط فتجاهلت السؤال بطريقة أو بأخرى وقلت في نفسي يبدو أن محدثي يود اختبار مقاومتي للإغراءات رغم علمه بطبيعة البشر كما قلت لعلها مزحة من العيار الثقيل. أطفأت الحاسوب وأعدت تشغيله ثم أعدت فتح نافذة الحوار الإلكترونية مرة أخرى وإذا بذلك الرابط الإباحي يتكرر بين كل رسالة يرسلها محدثي وأخرى فقررت وصممت وحزمت أمري وعزمت أن أصارحه باسم ذلك الرابط وأسأله هل هو من يرسله ولماذا يرسله. استغرب مني ذلك السؤال وأنكر الأمر جملة وتفصيلا وقال هذا ليس من المواقع التي يقترب منها أو يفتحها أو يتعامل معها فكيف به يرسله. قلت له لا تنزعج أنا مقتنع وأعرفك وأوضحت له أنه أحيانا يصلني رسائل من أصدقاء تدعوني تلك الرسائل إلى المشاركة في أمر ما أو الانضمام لموقع ما، وفي واقع الأمر هي ليست منهم فأعتبر أن هذا شبيه بذاك، لكنه لم يقتنع وقال إن مثل هذا الرابط يأتي على أساس أنه مرسل منه وهذا أمر مستهجن ومستنكر ولا يقبل به. أخذ محدثي الأمر بجدية ويبدو أنه انزعج مني واستغرب وقال إن ذلك لا يظهر لديه. هونت عليه قدر ما أستطيع. وجاء وقت السحور وودعنا بعضا وداع فيه نوع من الفتور خاصة منه.
وفي اليوم التالي وصلتني رسالة على هاتفي الجوال ويبدو أنها أرسلت لكل أصدقائه تقول الرسالة بأنه تمت سرقة كلمة السر الخاصة ببريده الإلكتروني وفي حال وصول أي رسائل أو روابط من خلاله فهي ليست منه. عندها أدركت أن ما حدث ليلة البارحة من الرابط الذي كان يصلني بشكل منتظم خلال تحادثنا هو من فعل فاعل والفاعل لص سرق وأساء لمحدثي ولي ومن يعرف مصيبة غيره تهون مصيبته وللأسف اختراقات حواسيب العالم العربي كثيرة وما يفيض من هذه الاختراقات يجد طريقه للعالم الثالث. قلت لنفسي ألا يكفي إساءة نتنياهو حتى تأتينا من الياهو وبريده الإلكتروني الذي يسمح بمثل تلك الاخترقات والسرقات. ولكن قلت لنفسي أيضا اللص دائما يتسلل ويخترق نقاط الضعف وجمعية الحاسب العربية تنوي تقوية نقاط الضعف وتسد كل تلك النقاط حتى لو ألغت استخدام الحاسب الآلي.
ولذا قد يكون دائما من الأنسب تغيير كلمة السر والشفرة بين وقت وآخر وفحص الأجهزة والحرص وعدم إرسال الأرقام الهامة إلكترونيا مع مراجعة الحسابات البنكية والإلكترونية والصبر عند الفواجع المالية فما لم تسرقه الأسهم يسرقه الهكر. وعلى كل تظل سرقة الأموال أخف من سرقة النفوس. بالمناسبة الجن تصفد وتغل في رمضان ولكن مسترقي السمع وسراق الكمبيوتر لا يراعون إلاً ولا ذمة ويعيثون فسادا إلكترونيا في بيئة الحاسبات والحسابات.
dr.abdullahalzahrani@yahoo.com