الآباء يملكون الاستطاعة والسيطرة والتأثير على ميول الأبناء ونزعاتهم وقدراتهم، فبإمكانهم أن يجعلوا من أبنائهم أطباء أو مهندسين أو رجال أعمال، وبإمكانهم أيضا أن يجعلوا منهم متسولين أو لصوصا أو قطاع طرق أو متشردين، إن النمط العام الذي يتفاعل بموجبه الآباء
مع أبنائهم يؤثر إلى حد كبير في النمو الاجتماعي والنفسي لهم، وعندما يقوم الآباء بتربية أبنائهم فإنهم يتفاعلون معهم بطرق عدة يمكن أن تحدد من خلال ما يسمى بدرجة السيطرة الأبوية التي يظهرونها من ناحية وفي مقدار الإسناد العاطفي والدفء الذي يقدمونه لأبنائهم من ناحية أخرى، مع الأخذ بالاعتبار أن السيطرة الأبوية يجب ألا تختلط مع مفهوم القمع المفرط للأبناء، إذ إن من الممكن أن يقدم الآباء نوعا من السيطرة العالية والثابتة على أبنائهم ويقومون في الوقت نفسه بتقديم دعم وإسناد عاطفي، على حين يظهر البعض سيطرة قليلة ومع ذلك يكونون باردين ورافضين لأبنائهم مقارنة بالآباء الذين يظهرون سيطرة عالية، وفي حقيقة الأمر وبناء على درجة السيطرة والدفء والإسناد الذي يقدمه الآباء فإن هناك أربعة أنواع من المعاملة الأبوية: 1- الأسلوب المتساهل. 2- الأسلوب التسلطي. 3- الأسلوب الحازم. 4- الأسلوب المهمل. إن هذه الأنواع من المعاملات قائمة على أساس درجة السيطرة ومقدار الدعم والإسناد قد لايفي بكل أنواع المعاملة الأبوية التي يمارسها الآباء، كما أنه لا يعني أن نضع الآباء ومعاملتهم داخل هذه القوالب إذ إن الآباء قد يستعملون أساليب وطرقا مختلفة بناء على مزاجهم وصحتهم وطبيعة مجتمعهم، وهنا يتبادر إلى الذهن كيف يمكن أن تؤثر هذه الأساليب على شخصيات الأبناء؟ وهل تنتج أنواعا مختلفة من المعاملة الأبوية أنواعا متباينة من الشخصيات؟ مما لاشك فيه أن طريقة المعاملة الأبوية في تشكيل شخصيات الأبناء من خلال تعزيزها لأنماط وسلوكيات معينة ومن ثم بقاء هذه الأنواع واندثار أنواع أخرى لم تعزز، فالشخصية الإنسانية هي دانة السلوك عند الفرد على مر العصور والأزمنة، وبهذا فإنه يمكن أن تنتج طريقة المعاملة الأبوية المتساهلة أفرادا يصعب عليهم تحقيق النجاح في الحياة العملية، وتنقصهم الثقة في أنفسهم وغير قادرين على ضبط انفعالاتهم كما أنه ونتيجة لطريقة المعاملة التي تقدم كل شيء للابن إلى درجة أنها تجعل الآباء يخضعون إلى نزوات الأبناء فأنها تنتج أفرادا لا يستطيعون تحمل المسؤولية ويتهربون منها، وتنتج أفرادا خجولين ومنطوين ويشعرون بالنقص وغير متكيفين مع المحيط بهم، كما أن من المحتمل أن تنتج أفرادا يحرزون تقدما نسبيا في المدرسة للتعويض عن مشاعر النقص كما يرتبط هذا النمط من المعاملة بالسلوك الابتكاري، أما الأسلوب التسلطي فإنه ينتج أفرادا ذوي سلوك حسن ومهذبين ماداموا داخل البيت أي بوجود السلطة لكن هذا الأسلوب قد يؤدي إلى الانحراف في نهاية المطاف، أما الأسلوب الحازم فإنه من المحتمل أن ينتج أفرادا متكيفين لديهم عادات اجتماعية جيدة وقد يكونون أفرادا متحملين للمسؤولية ولديهم قدرة على ضبط النفس، أما الأسلوب المهمل فإنه من المحتمل أن ينتج أفرادا لديهم مشاكل في التكيف مع المجتمع ويسلكون سلوكا غير اجتماعي مصحوب بالكذب والسرقة والقسوة مع عدم الثقة في أنفسهم وفي مجتمعهم ولا يشعرون بالأمن النفسي وقد يرتكبون جرائم خطيرة، وفي الأخير أن الكثير من المظاهر السلوكية إيجابية كانت أم سلبية تعتمد على طريقة تعامل الآباء مع الأبناء، فالعدوان أو إهمال الواجب يرتبط بالمعاملة الأبوية التي تتبع القسوة والعقاب الجسدي في تطبيق النظام، أما الأبناء الذين ينشؤون في بيوت دافئة مع الاستقرار فإنهم من النادر أن تظهر عندهم مشاكل تكيف مع المجتمع على العكس من الأطفال الذين ينشؤون في بيوت باردة وقاسية، ولهذا فإن على الآباء أن يدركوا مسؤولياتهم في تربية أبنائهم في أن يعطوا دعما وإسنادا عاليين مع الاحتفاط بسيطرة ثابتة.
ramadanalanezi@hotmail.com