Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/08/2010 G Issue 13839
الخميس 09 رمضان 1431   العدد  13839
 
أضواء
ممثل ولي الفقيه في بغداد
جاسر الجاسر

 

أكثر من خمسة أشهر والعراقيون ينتظرون تشكيل حكومة جديدة، بعد أن شاركوا في الانتخابات البرلمانية التي أفرزت نتائج متقاربة للكتل السياسية، فهي وإن أعطت القائمة العراقية الصدارة بـ 91 مقعداً برلمانياً، إلا أنها منحت (دولة القانون) (89) مقعداً والائتلاف الوطني (70 مقعداً) والتحالف الكردي (56 مقعداً).

في الدول التي تأخذ بالنظام الديموقراطي تعد النتيجة التي أفرزتها الانتخابات العراقية عاملاً مساعداً يسهل من عملية تشكيل الحكومة، فحسبما تعمل به الدول الديموقراطية تكلف الكتلة التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة، وإن فشلت تكلف التي جاءت بعدها.

والسياسيون الذين يديرون العملية السياسية في العراق (تربوا) سياسياً في البلدان (الحاضنة للديموقراطية والمصدرة لها)، فلماذا يفشلون في تطبيق البضاعة التي جلبوها معهم..؟!

الإجابة لا تحتاج إلى بحث علمي ولا تشكل صعوبة بعد أن تكشفت كل الأدوار في العراق الذي أصبح حالة شبه ميؤوس منها بعد أن جعلت منه كل من أمريكا وإيران معاً منفذاً لمعالجة مشاكلهما وتعزيز مصالحهما التي أصبحت أطماعاً تتم على حساب المصالح الشرعية للشعب العراقي.

الأمريكيون زجوا بجيوشهم وغزوا العراق، واحتلوه، وحققوا ما وعدوا به بإعادة العراق إلى القرون الوسطى وصدروا له (ديموقراطية بطبخة طائفية) واستعانوا بأعدائهم الإيرانيين الذين ندبوا لهم ساسة وأنصاراً وجنرالات، وحتى أشخاصاً متخصصين بالقتل والتعذيب، فوصل في أعقاب القوات الأمريكية قوات بدر، وفيلق القدس، والساسة العراقيون الذين ينحدرون من أصول إيرانية يقدمون الولاء ل(الفقيه) على العراق الوطن والدولة.

بخليط من الساسة الانتهازيين والموالين يتشكل في العراق تيار أصولي عقائدي قائم على مجموعة من المسلمات العقدية والفقهية التي تقدم العلاقة مع إيران على أي علاقة أخرى أكثر متانة، فتقدمها على العلاقة مع الدول العربية بل حتى على العلاقة بين العراقيين أنفسهم.

هل يستطيع أي عراقي لم يتلوث بعد بالمستنقع الطائفي الأصولي أن يتجاهل أن حزب الدعوة وجماعة الحكيم والصدر، ليسوا أكثر من مجاميع أصولية مرتبطة بولاية الفقيه وأن ولاءها طائفي بحت؟ بل إن عملها السياسي مبني على الولاء الطائفي؛ فالمالكي والحكيم والصدر (الذين لا ينفون إيمانهم بولاية الفقيه) مرتبطون طائفياً بنظام ملالي إيران وولاؤهم لتيارهم الأصولي متقدم على ولائهم لمحيطهم الوطني (العراق) والقومي (العرب)، لذلك فإنه يصعب على المالكي وعلى غيره ممن اختيروا من رموز المجاميع الطائفية لهذا التيار الأصولي العودة إلى المحيط الوطني وخدمة العراق وما يهم العراق؛ لأن هذا بالنسبة للتيار الأصولي الطائفي محظور (حسب توجهات المرشد الفقيه) وخطيئة لا يمكن أن يرتكبها السياسيون الذين ظلت طهران تعدهم وتربيهم، وها قد حان وقت تقديم ما يؤمرون به.

ولهذا فإن إيران تعمل على أن لا يخرج أمر تشكيل الحكومة العراقية عن رموز هذا التيار الطائفي الأصولي، وقد كشف نوري المالكي ذلك سواء بسوء نية أو بقصد إرسال رسالة طائفية بقوله: «إن القائمة العراقية قائمة سنية»، ومعنى هذا أن الشيعة (الذين ساعدتهم أمريكا على أن يكونوا حكام العراق الجدد مثلما ساعدت الأكراد على ممارسة «الفيتو») لا يمكن أن يسلموا الحكم للعراقية القائمة السنية، رغم أن رئيس القائمة من أبناء طائفة الشيعة وأن هناك رموزاً وطنيين شيعة من زعماء القائمة، كحسن العلوي ومحمد علاوي وعدنان الدنبوس وغيرهم، والعراقية التي خاضت الانتخابات على أنها قائمة وطنية تضم كل المكونات العراقية الطائفية والعرقية، ولهذا صوت لهم الشعب العراقي رغم كل العراقيل والتهديدات والتزوير، وتحصل على الصدارة فإن هذا يعني رفضاً للتيار الأصولي ورفضاً للتواطؤ الإيراني الأمريكي الذي يريد فرض ممثل ولي الفقيه في بغداد نوري المالكي.



jaser@al-jazirah.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد