رحل عنا فقيد الأدب والشعر والقصة والرواية والدبلوماسية والإدارة والثقافة الملتزمة، وما رحل إلا ليعود، حيث كان كبيرا والكبار مثله لا يموتون..
|
لقد كان الدكتور غازي -يرحمه الله- في سلوكه وفكره أنموذجا للالتزام الوطني والأخلاقي، وكان عطاؤه شاهد عيان على نزاهة فكره وحبه وإخلاصه لمليكه ووطنه وأمته، وكان مدرسة في تجديد الأدب والشعر والثقافة العربية المعاصرة، وقام بمهمة قل من يقوم بمثلها، تمثلت في عدة مشاريع فكرية، تربوية، وأدبية، ووطنية، وثقافية وإسلامية، حمل في كل منها هم الفكر والوطن والأمة، ومارس السياسة بمعناها النبيل، وجعل من العقل مذهبه، حتى أصبح رمزا للعقلانية، ولم يكن تهميشا لهذا العقل بل تأهيلا له. عرف باحثا معتكفا في محراب العلم والرجل الرفيع الأخلاق والمتواضع والعفيف اللسان.
|
كان كبيرا والكبار وحدهم يملكون أن يوقظوا في الناس أخلاق الاجتماع، وإن تفرقت بهم السبل ، وكان قدوة فكرية ومنارة ثقافية وصل إلى آفاق كونية رحبة دون عقد وبدون أي مشاعر سلبية .
|
كان -بحق- مفكرا مشتركا يجعل من الاهتمام بالقضايا العربية صحنا يوميا على مائدته، وتعلم طلابه في مختبره الفكري قيمة انبثاق الفكرة في صمت قبل أن تنمو وترى النور؛ ولذلك شكل رحيله هزة في جميع دوائر السياسة والثقافة والأدب في كل أرجاء الوطن العربي، واليوم يجب على ذويه ومحبيه سرعة تأسيس مؤسسة عربية وإسلامية ودولية تحمل اسمه، حيث كان المثقف الملتزم والأديب المؤثر والشاعر المعبر والروائي والقاص المبدع، والمدافع الصلب عن قيم الكرامة والحرية والثقافة والأدب.
|
ومن أقواله التي تنم عن وضوح في رؤيته الإدارية : «إننا نعاني من ثلاث سلبيات خطيرة: سلبية القبلية التي تجذرت في المجتمع، وأوجدت عادات وتقاليد ليست من قيمنا، وسلبية العنصرية المهنية التي تسببت في عزوف أبنائنا عن كثير من الحرف والمهن، وسلبية البيروقراطية الإدارية السيئة التي تختبئ في عباءتها بعض مظاهر الفساد، وعليكم أنتم في الجمعية السعودية للإدارة - التي أنا عضو فيها وأثمن دورها وأول من دعي لتأسيسها- مسؤولية معالجة هذه القضايا بأسلوب علمي وعملي مبرمج..»
|
فرحمك الله يا فقيدنا الغالي، وأرفع أكف الضراعة في هذا الشهر الكريم أن يعوضنا لا أقول: بمن ينسيناك، ولكن أقول، بمن يخفف علينا ثقل فقدك.. وأن يلهمنا وذويك الصبر والسلوان.
|
وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته |
يوما على آلة حدباء محمول |
|