يقول الخبر: «عثر مسؤولو مجلس حماية المستهلكين في هونج كونج على مستويات خطيرة من المواد الكيماوية ومادة مسببة للسرطان في زجاجات من ملمع الأظافر التي تم بيعها للمستهلكات. وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست إنه تبين احتواء أربع زجاجات من ملمع الأظافر من بين 42 زجاجة جرى اختبارها من قبل مجلس حماية المستهلكين بالمدينة على بنزين مسرطن محظور استخدامه في مستحضرات التجميل بالصين. وقال التقرير إنه تبيّن احتواء واحد من المنتجات الأربعة على مستويات من الميثانول أعلى 20 مرة من المستوى المسموح به طبقاً للقوانين الصينية التي تطبق أيضاً على هونج كونج. وعثر الاتحاد الأوروبي ودول أخرى أيضاً على عدد من المواد الكيماوية الأخرى المحظورة في الصين داخل ملمع أظافر تنتجه شركات في هونج كونج وكوريا الجنوبية. وقالت الصحيفة إن مسؤولي الجمارك بالمدينة التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة صادروا بعضاً من هذه المنتجات بينما عرضت الشركات الأخرى التي تبيع ملمع الأظافر إعادة المال إلى الزبائن».
ما يلفت النظر في مثل هذه الأخبار أنه لا وجود لمجالس وهيئات حماية المستهلكين (العرب)، رغم أن معظم هذه الصادرات في طريقها للخليج، عبر محلات التخفيضات ومحلات (أبو ريالين) المنتشرة على طول بلادنا وعرضها.
سأتحدث عن محلات (أبو ريالين وأبو خمسة وعشرة..) بعين إيجابية هذه المرة حتى أكون إيجابياً كما تشجع على ذلك دورات تطوير الذات وبرامج علم النفس التي تنافس محلات التخفيضات في كثرتها، هذه المحلات التي حاول (لاحظوا حاول) بعض من أعضاء مجلس الشورى التصدي لانتشارها بهذا الشكل السرطاني في بلادنا، وأنا سأكتفي بهذا التساؤل:
إن كان وجود هذه المحلات (أقصد أبو ريالين والتي على شاكلتها) هو حالة صحية كما تراها وزارة التجارة، فلماذا يسمح لها ببيع المواد الكيميائية الموجودة في مستحضرات التجميل ومستحضرات النظافة مثل الشامبو والصابون وغيرها؟
لماذا لا تلزمهم الوزارة ببيع المنتجات التي يحتاجها المواطن البسيط دون التوغل في بيع كل شيء مما يضر هذا المواطن؟
لكم أن تتخيلوا أنه يباع في هذه المحلات المواد الكهربائية من أفياش وتوصيلات رديئة قابلة للذوبان والاحتراق، ويباع فيها أدوات السباكة والزيوت أيضاً وكل ما يتعلق بالهواتف الجوالة والتي تدمر هذه الأجهزة ولا يستفاد منها في الغالب لسرعة أعطالها، تخيلوا حتى البخور والملابس الداخلية يباع في مثل هذه المحلات، لم يبق بصراحة إلا العطارة وحطب الأرطى!
والحال كذلك لا بد أن نعزي أنفسنا ونركز على الجوانب الإيجابية في مثل هذه المحلات، وسأستعرض - مضطراً - بعض الفوائد التي منحتنا إياها محلات أبو ريالين (مع الاعتذار للمصحح اللغوي) ومنها أن هذه المحلات أتاحت للمدارس مزيداً من الجوائز التحفيزية لتلاميذها المتفوقين، ولا ننس أخواتنا المعلمات فعبارة الجوائز القيمة في أية مسابقة مدرسية باتت تعني جوائز من محلات أبو ريالين ومن له حيلة فليحتال، ومن الفوائد أن هذه المحلات عرفت أولادنا بكيفية صناعة الكثير من الهدايا والسيارات وغيرها مما يسهل تكسيره بمدة لا تتجاوز اليومين، فأصبح الطفل أكثر ذكاء وهو يشاهد أجزاء لعبته مفككة أمامه أكثر من خمسين مرة، يالها من دروس مدفوعة الثمن!
ومن الفوائد الأخرى أن أهل الكشخات يمكنهم (التطقيم) بأحلى الساعات والنظارات والكبكات والاكسسوارات من الماركات العالمية (المقلدة طبعاً) للبنين والبنات، والعقوبة مأمونة لأن الرقيب في سبات، وبإمكانكم إطلاق مزيد من الآهات!
بقيت فائدة أخيرة أن محلات أبو ريالين ألغت الفوارق الطبقية البغيضة في مجتمعنا النفطي والتي كنا نعاني منها أيام الطفرة، الآن بإمكانك شراء أي شيء من باريس إن شئت أو من رفحاء لا أحد يستطيع اكتشاف الفرق، فكله عند العرب صابون.
وأمام هذا الزخم من الفوائد لا يضر إن تسرطنت مسنة فقيرة في هونج كونج بسبب ملمع أظافر تتميلح به أمام (أبو العيال)، أو تسطرن طفل هنا وهناك.
إننا أمام ظاهرة جديدة فمثل هذه المحلات تستهوي فئات كثيرة من المجتمع يتنفس من خلالها أوضاعه الاقتصادية المتردية، ولكن ماذا عن أضرار كثير من المواد التي تباع فيها؟
يبدو أن أحداً لم يسأل هذا السؤال منذ مدة، وطبعاً إذا عرف السبب بطل العجب فمعظم الهوامير الذين يمتلكون مثل هذه المحلات لا يعرفون ماذا يباع فيها أو بمعنى أصح لا يهم ماذا يباع بقدر ما يهمهم كيف يتكاثر الريال مثلما يتكاثر السرطان في محلاتهم تلك.
Mk4004@hotmail.com