أحد أهم وأكبر العقبات التي تعترض تشكيل حكومة عراقية جديدة، هي تدخلات دول الجوار المحيطة بالعراق والدولتين اللتين قادتا الغزو ومن ثم الاحتلال العسكري للعراق، وإن عُرفتْ أمريكا وبريطانيا بأنهما أكثر قوة عسكرية ساهمتا وقامتا بالغزو ثم الاحتلال، فإنه بات معروفاً مدى التأثير الأمريكي والبريطاني في مسألة تحديد المسارات السياسية ومستقبل العراق. ومع تراجع التدخل والتأثير البريطاني لصالح زيادة النفوذ والتأثير الأمريكي والذي أصبح يتحمَّل مسؤولية أدبية وحتى سياسية بإعادة العراق إلى وضعه الطبيعي بعد أن هدم من نصبهم الأمريكيون مرتكزات الإدارة والسياسة في العراق.
بالنسبة لدول الجوار، لا أحد يخفى عليه حجم التدخل والنفوذ الإيراني المتزايد في هذا البلد العربي. ومع أن الساسة العراقيين يتحدثون في جلساتهم الخاصة عن هذا التدخل السلبي بتذمر، إلا أنهم لم تصل بهم الجرأة إلى حد تشخيص المواقف والجهر بها والأدوار السلبية للنظام الإيراني وممثليه من دبلوماسيين وساسة إيرانيين كبار أعضاء في مجلس الشورى ومستشارين للمرشد، وحتى كبار القادة العسكريين الذين كثيراً ما حاولوا فرض توجهات وآراء عما يجب أن يكون عليه حكم العراق، كأنهم يتحدثون عن حكم إيران، ولا يتحرجون عن ذلك. ومع ذلك يحجم الساسة العراقيون من تحديد من يتدخل في شؤونهم الداخلية. وبدلاً من أن يذكروا من يتدخل في شأنهم الداخلي بالاسم -وقد كفاهم ذلك ساسة ذلك البلد- إلا أنهم يتهمون دول الجوار بالتدخل في الشأن العراقي! وهذا بالإضافة إلى أنه تعميم ظالم ومجحف، ومضلل، فإنه إلى كل ذلك يشجع الدولة التي لا تخفي تدخلها، ومع هذا تُحظى بالتستر عليها. وإذا كانت الأقوال والتي تدعمها الأفعال تتواصل من دول الجوار، فعلى العراقيين أن يفرقوا بين من يدعوهم بصدق إلى تضافر الجهود والإسراع في تشكيل حكومة وطنية يجمع عليها أبناء الشعب العراقي لتحقيق طموحاتهم ومعالجة أخطاء الماضي وتوفير الخدمات والحياة الكريمة للعراقيين، وبين من تتواصل أقوالهم التحريضية التي تشعل الفتنة، وأفعالهم التي تنشر الرعب والخوف في أرجاء العراق. فرقٌ واضحٌ في أقوال وأفعال دول الجوار وساستها. وعلى العراقيين أن يكونوا واعين وحذرين وأن يعرفوا من يسعى لخيرهم، وأن يبتعدوا عمَّن يثير الفرقة في صفوفهم.
****