كل من يقرأ واقع العمل الخيري وتطلعاته في بلادنا يعرف أنه عمل مبعثر قائم على اجتهادات شخصية من حيث النوع ومن حيث الجودة ومن حيث التمويل وأنه عمل يسير دون رؤية وبالتالي فإنه لا يلعب دوره المنشود بما يتناسب وقوة الاقتصاد السعودي والمحفزات الدينية في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية. بعدما قرأت واقع العمل الخيري في بلادنا واطلعت على صفحة الجمعيات الخيرية بموقع وزارة الشؤون الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية تأكد لي أنه لا إستراتيجية للعمل الخيري في بلادنا وأن الوزارة لا تعدو كونها راصدا للعمل الخيري وتطوره في بلادنا وداعمة له بصورة أو بأخرى دون أن تحدد رسالتها في تشكيل خريطة العمل الخيري في بلادنا من حيث المجالات وكم الجمعيات العاملة بها وتوزيعها الجغرافي، ومن حيث قدراتها المالية والبشية وكفاءتها الإنتاجية، ودون أن تحدد الوزارة رؤيتها لمستقبل العمل الخيري في بلادنا والمسارات الإستراتيجية التي ستطلق الوزارة برامجها ومبادراتها الإستراتيجية لتحقيقها في فترة زمنية محددة ولنقل خمس سنوات على سبيل المثال لينهض بمهامه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. عدم وجود رؤية وغايات وأهداف واضحة ومحددة تجعل الأمور تسير بفوضى - وإن كانت فوضى خلاقه - وبكل تأكيد لا يمكن لنا قياس نتائج الفوضى مقارنة بالأهداف غير الموجودة وبالتالي فنحن لسنا بحاجة لتقييم اقتصاديات العمل الخيري في بلادنا ما يعني أننا لسنا بحاجة لمؤشرات تقيس مدى كفاءة العمل الخيري بشكل عام وكفاءة المؤسسات الخيرية بشكل خاص.
عدم وجود خطة وعدم وجود تنظيم للجهود والطاقات والإمكانيات لتنفيذ الخطة وعدم وجود حاجة للمعلومات والتقويم ومراجعة الخطط أدى بنا إلى عدم الحاجة لبناء مؤشرات قياس ومقارنة وتحفيز ما جعل خارطة العمل الخيري في بلادنا خارطة مطموسة المعالم رغم تقارير البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وكل ذلك جعلنا لا نعلم مدى إسهامات القطاع الخيري الاقتصادية وانعكاس ذلك على التنمية رغم أهمية هذه المعايير والمؤشرات في فهم الواقع الفعلي لإسهامات القطاع المالية والاقتصادية. أيضا عدم وجود رؤية وخطط تنفيذية ومعايير ومقاييس جعلنا لا نهتم بمدى تأثر القطاع الخيري بالحرب على الإرهاب والأزمة المالية الحالية وضعف إدارة العمل الخيري وندرة الموارد البشرية المؤهلة العاملة في العمل الخيري وفيما إذا كانت المؤسسات العاملة في هذا القطاع تحتاج خطط إنقاذ ودعم مالي ومعنوي ومادي ونظامي وتوعوي وغير ذلك لتنهض بمهامها الهامة والحيوية بل والملحة في كثير من الأحيان كشريك إستراتيجي في التنمية المستدامة، وكل ذلك يجعلنا نقف موقف المتفرج العاجز الذي لا يبذل الأسباب ويتمنى على الله الأماني. أعتقد جازما ونحن في عهد ملك التنمية والإنسانية خادم الحرمين الشريفين بأنه حان الوقت لنخرج من عالم العبارات المنمقة الفضفاضة التي يعج بها موقع وزارة الشؤون ومنها ما جاء بالرؤية المستقبلية للجمعيات الخيرية والتي لا تعدو كونها قائمة أماني دون خطط إستراتيجية معلنة وسياسات تنفيذية واضحة وبرامج تنفيذية إستراتيجية محددة، وأن نتحول للعمل الاستراتيجي الفعلي بأن تقدم وزارة الشؤون الاجتماعية خطتها الإستراتيجية لرفع مساهمة العمل الخيري الاقتصادية والاجتماعية الذي يئن حاليا بسبب الضربات المؤلمة، والتجارب العالمية في كل أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية واليابان والهند وجنوب إفريقيا موجودة ومتاحة والمفكرين في العالم الإسلامي العاملين في الحقل الخيري والمالي لا حصر لهم وما علينا سوى إخلاص النية والاستفادة من تلك التجارب العالمية والعمل الجاد المتواصل لتفعيل اقتصاديات العمل الخيري في تحقيق أهدافنا التنموية.
*****
alakil@hotmail.com