قدر الاستثنائيين أن يكونوا علامات فريدة متفردة في كل تفاصل التلقائي لما عداهم.. الحالة هنا يمثلها المشهد في جنازة الراحل جسداً الباقي أثراً.. غازي القصيبي.. لم يمش في جنازة هذا الرجل المتعدد أحبة وأصدقاء وأناس فحسب.. بل سار خلف ظل جسده الميت من كل شيء إلا من قيمة المهابة للروح التي سكنته.. مجالات متنوعة وأجيال متعاقبة.. وأزمنة من عصر الإنماء والتأسيس والتكوين.
كان -رحمه الله- وسيبقى.. درساً بليغاً للغاية.. في كل مجال من المجالات التي كان فيها صوتاً لا تشبهه الأصوات رغم محاولات الاستنساخ والمحاكاة والتقليد.. ولأجيال ومراحل تالية تلحق.. وهنا أسأل: ما الذي ستقدمه الأخت الباحثة في سيرة الاستثناء القصيبي..أستاذة أمل المرزوقي .. وهي أمام هذا الإرث والثراء الضخم في أدبيات الموضوع؟!.
يقيناً أمام الأستاذة المرزوقي مهمة في غاية الصعوبة.. لسبب بسيط وهو أننا أمام مجالات لا مجال واحد.. والأهم أننا أمام قامة متفردة في كل مجال من تلك المجالات.. من هنا يتشكل لدي رؤية بأن من سيبحث في سيرة القصيبي فعليه أن يكون كل تلك المجالات التي كان فيها القصيبي الاستثناء الأميز دون عناء.. ومع هذا فشكراً للفكرة النابهة لدى الأخت المرزوقي.. والتي تمثل قيمة تقديرية مهمة لرمز وطني وعربي وإسلامي وإنساني لن يتكرر بذات الكاريزما العجيبة في مثل القصيبي.
رحمه الله.. كان درساً عالياً في الانتماء والوطنية والإخلاص.. كان وجهاً أبيضاً للغاية صدقاً ونقاءً.. وكان يداً لا تخجل من مصافحة الأيادي لأنها أيقنت بأنها يد نزاهة وأمانة.. ومع هذا رحل هذا الكبير المهيب.. تاركاً لنا ألم الرثاء.. وتأمل الثراء.. رحمك الله أبا سهيل.
الاستثناء.. لا يعلل ولا يتكرر!!
****
aldihaya2004@hotmail.com