Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/08/2010 G Issue 13845
الاربعاء 15 رمضان 1431   العدد  13845
 
رحل وما ارتجل د. غازي عَلم الأدب
هدى بنت ناصر الفريح

 

قد يوهب الإنسان كل شيء المال والجاه والعلم والجمال وكل ذلك زائل إلا أن طيب الأثر وعمقه وحسن الذكر واتساعه هو ما يبقى ويصفى, وبهذا أصبحنا بوداع وبدروس تتعاقب ومآثر تترجم وتحبر كأهزوجة جليلة تستقي عطرها من هنا وهناك ودا وعرفانا من شتى الأطياف والأعمار, تتسابق وفاء ويقينا بأنه يستحق الكثير..

الراحل د.غازي القصيبي -غفر الله له- منظومة واسعة ثرية لا غنى لمن أراد أن يرتقي و لو بجزء من ذاته أن يعرفها ولا ضرورة للإشارة والتعريف بها وكم نقصر نحن الصغار حينما نتكلم عن الكبار..

إلا أن حديثي هنا عن ما يسحر الألباب ويدعوها للتأمل والنهل من مدرسته ألا وهو هذا الحجم من الاحتواء الذي جمع فيه محبة المختلفون معه بل حتى أنه رافقهم وامتدت صحبة بهم عمرا وفخرا فبادلوه الحب حبا والوفاء وفاءً.

نطق وكتب وبذل من نفسه الكثير مجتهدا شارك واقترح ووضح وحينما ضج الصغار استمع لهم وحينما تكلم الكبار جهرا حاورهم سرا حتى التزم الصمت وكم تراجع كثيرا أدبا ولطفا فطاب مخلدا حيا وميتا. فحسبنا أدبه الكبير خلقا وحرفا..

ما يطيب به الذكر أن الأثر باق والوعي راق وما رأينا إلا قلة قليلة ما عرفوه وما قدروه لجهلهم بأدبهم فهذت كلماتهم هنا وهناك بسوء خلق يقدح بالاستكبار خلف لوحات المفاتيح بمسميات كلها وضاعة وبؤس حال! فمتى يلتبسون الصمت للحظات.. ويرون حالهم في لحظة ويستقضوا من غياهيب السبات.. بماذا اجتهدت عقولهم وكم حاولت وبقدر ماذا بذلت؟ ما رؤيتها المستقبلية؟ وما رسالتها؟ وما حدود وجودها؟ وما مقدار تقوى الله في ظنونها؟.. لا أثر ولا عبر! لا نهضة و لا حراك..جمود خفي وجل!

أما آن الوقت لنهضة خلقية وعملية..نمسك بالدفة وننهج نهج الكبار!

شتات بوح..

رائحة الحزن اعتلت

والكدر غلف الأجواء

قلنا :هذا الأثر

قالوا:حان العزاء

انزوى وبكى العقلاء

ومن العين سرت مدامع الرثاء

من تراه يكون القوي الأمين

في زمن الدهناء..

رحم الله د.غازي القصيبي وألهم زوجه وأبناءه وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

لمحة:

(سئل أبو بكر الواعظ -وهو يخطب- عن مسألة، قال:لا أدري. قيل له: ليس المنبر موضع جهل. فقال: إنما علوت بقدر علمي، ولو علوت بقدر جهلي لبلغت السماء).



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد