أَلَا لَيْتَ شِعْرِيْ مَا سَمِعْتُ الْبَوَاكِيَا |
بِصَوْتٍ حَزِيْنٍ غَارِقَاتٍ تُنَادِيَا |
نَعَى الشِّعْرُ مَنْ كَسَاه أَغْلَى الْجَوَاهِرِ |
نَعَى الشِّعْرُ مَنْ عَلا بِهِ الْمَجْدَ غَازِيَا |
وَحُقَّ الْحِدَادُ فِيْ الحُرُوْفِ لطَالَمَا |
تَقُوْلُ الْقُصَيْبِيْ وَحْدَهُ مَنْ عَطَانِيَا |
تَحِنُّ عَلَى فَقْدِ الْقُصَيْبِيْ حُرُوْفُهُ |
وَيَرْثِيْه مِنْهَا مَا يَهُزُّ الْقَوَافِيَا |
بَكَتْهُ حُرُوْفٌ تَسْتَنِيْرُ بِفِكْرِهِ |
وَتَرْقَى مَعَانِيْهَا النُّجُوْمَ الْعَوَالِيَا |
حُرُوْفُ الْقَوَافِيْ بَعْدَ غَازِيْ تَيَتَّمَتْ |
وَتَشْكُوْ عَلَى عُمْقِ الْخَيَالِ الْمَعَانِيَا |
وَمَا فَادَتِ الشَّكْوَى إِذِ الحَالُ حَالُهَا |
سِوَى شِعْرِهِ تَزْهُوْ بِهِ النَّاسُ عَالِيَا |
وَمَا كَانَ مِنْهُ لِلْمَكَانِ مَحَبَّةٌ |
لَهُ مِنْ نَصِيْبِ الْحُزْنِ مَا دَامَ وَافِيَا |
تَنُوْحُ الدِّيَارُ كُلَّمَا مَرَّ ذِكْرُهُ |
وَتَرْمِيْ عَلَى جُنْحِ الظَّلَامِ الثَّوَانِيَا |
وَتَبْكِيْه كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ بِلَادِنَا |
وَفَاءً وَحُزْنًا تَنْثُرُ الدَّمْعَ قَاسِيَا |
عَلَى كُلِّ شِبْرٍ بَلَّلَتْهَا دُمُوْعُهَا |
وَكَفٍّ مَحَتْهَا مَا يَزِيْدُ الْمَآسِيَا |
بَكَاهُ الْبَعِيْدُ وَالْعِدَا قَبْلَ نَاسِهِ |
لِأَشْعَارِهِ اللّاتِي يَفُقْنَ النَّوَادِيَا |
صَدِيْقُ الْمُلُوْكِ صَاحَبَتْهُ الْوِزَارَةُ |
تُنَادِيْه هَيَّا يَا وَزِيْرًا مُفَادِيَا |
جَمِيْعُ الْوِزَارَاتِ لَهَا فِيْه مَطْلَبٌ |
رَأَتْهُ الشُّجَاعَ الصَّارِمَ الْمُتَفَانِيَا |
قَلِيْلٌ بِحَقِّ مِثْلِ غَازِيْ قَصِيْدَةٌ |
وَمِنْ هَوْلِ مَا أَصَابَ حَرْفِيْ يُعَانِيَا |
وَمَا الْمَوْتُ إِلَّا كَأْسُ مُرٍّ نَذُوْقُهُ |
وَفَازَ الَّذِيْ مِنْ بَعْدِهِ ذَاقَ حَالِيَا |
أَبَى الصَّوْمُ إِلَّا رُوْحَهُ فِيْه تُؤْخَذُ |
بِأَمْرِ الرَّحِيْمِ اخْتَارَ هَذَا الزَّمَانِيَا |
لَهُ اللهَ نَدْعُوْ كُلَّ مَا جَنَّ لَيْلُنَا |
يُجَازِيْه فِيْ أَعْلَى الْجِنَانِ الْحِسَانِيَا |
إِلَهِيْ دَعَوْنَاكَ وَفِي الْقَبْرِ يَنْعَمُ |
فجاوز خطاياه وَمَا كَانَ نَاسِيَا |
|