الحياة بداية والموت نهاية في دنيا الناس والذكرى باقية وهي عمر ثانٍ للإنسان بعد وفاته، وكثير هم بنو الإنسان على هذه الشاكلة. بالأمس القريب ودع دنيانا الفانية إلى الآخرة الباقية الرمز وابن الوطن والرجل الإنسان القيادي والإداري والعالم الموسوعي الذي أضنته الحياة وشغلت باله في كثير من قضاياها المتعددة
وتغلب عليها بفكره وفطنته وإبداعاته المتعددة، إنه فقيد الوطن وفقيد الأدب والفكر معالي الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، أحب العمل وأفاد وأجاد فيه، أبدع شعراً وتسامت نفسه الأبية نحو المعالي وعلو الهمة لم تشغله إبداعاته الادارية وفنياتها عن صياغة الشعر وكتابة المقالة والقصة والرواية، فكان من جهابذة هذه الجوانب ومن فرسانها حضوراً وتألقاً وإبداعاً، أنار طرق العتمة بفكره وسداد رأيه عند تسلمه بعضاً من الحقائب الوزارية والمسؤوليات الجسام فحقق نجاحات كبيرة، لم يرتهن إلى المثبطات، بل دلف إلى أعماق البحار اللجية متوكلاً على خالقه ومستنيراً برأي قيادته وتوجيهاتها، فكان الغراس مثمراً وجيداً ويانعاً.
غازي القصيبي حالة استثنائية فذة لها صولات وجولات في كثير من مناحي الحياة. وكم أسعدني - رحمه الله - عندما بعث إلي رسالتين تحملان عمق المحبة والمودة والتواضع الجم لهذه الشخصية البارعة، فكانت رسالته الأولى تحمل في طياتها الشكر والتقدير والإشادة والثناء إثر مجاراتي له للقصيدة المشهورة السيف الأجرب.
والثانية كما الأولى بعثها لي قبل وفاته بشهرين تقريباً عند قراءته للقصيدة التي أعددتها بمناسبة وصوله إلى أرض المنامة (البحرين) قادماً من رحلته العلاجية.
أعرف أن هذه الكلمات لا تفي حق هذا الرجل فلا نملك إلا الدعاء له بالرحمة والغفران وأن يسكنه فسيح الجنان ويلهم أهله وذويه وكل من أحبه الصبر والسلوان و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
رياض الخبراء