الموت حقٌّ على كل البشرية ولن يبقى إلا وجه الله تعالى، ولكن الموت يتفاوت بين إنسان وآخر فهناك من يموت جسده فقط ويبقى ذكره إلى الأبد، كما قال المرحوم شوقي في عجز بيت من قصيدة طويلة: الذكر للإنسان عمر ثاني..
غيّب الموت أبا حمد موسى بن حمد العليان فمن هو موسى رحمه الله، إنه إنسان طيب خلوق حبيب قريب إلى النفس كريم قريب من الضعفاء، يبحث أمورهم ويعطي المحتاج منهم.. جاورته في حي الملز منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة وخبرت عنه الكثير، كان أمياً ولا يعيبه ذلك فقد كان سيد الخلق أمياً، وأنعم به أسوة؛ وكان كثير الشكر لنعمة الله عليه، حيث نقله من الحاجة إلى الغنى حتى أصبح يعد من الأثرياء المعروفين كان رحمه الله في كل مجال يذكر نعمة الله عليه.. وأذكر أنه في يوم من الأيام كنت وإياه خارجين من صلاة الفجر، فهمس في أذني قائلاً أريد أن أعرف مقدار زكاة مبلغ كذا من المال السائل، وكان مبلغاً كبيراً فقلت له الزكاة كذا فأطلق يدي وانتحى ناحية من المسجد وكبر وبقيت بانتظاره، ولما عاد قلت له هل نسيت سجود سهو قال لا سجدت شكراً لله الذي جعل زكاة مالي رأسمال غني.. وكنت أقابله في مكة وكان له مكان ثابت مقابل حجر إسماعيل يفطر هو ومجموعة من الفقراء، وأتذكر أنه في يوم من الأيام وأنا خارج من الحرم إذا بامرأة كبيرة السن عرفت من حديثها أنها صادقة، وكانت تجمع دية وفاة خطأ في حادث سيارة ومعها ما يثبت ذلك فرجعت إليه وشرحت له وصفها فكان من أكبر المساهمين في ذلك.. وهناك أمور لا تحصى قد لا يتسع المجال لذكرها. رحم الله أبا حمد وجمع شمل أبنائه على الحق.
(نَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).