منذ أن خرجنا على هذه الدنيا منذ أكثر من أربعين عاما وهذا الاسم (موسى الحمد) يتردد على مسامعنا مرتبطا بعمل الخير وفعل المعروف وبناء المساجد والإحسان إلى الناس.
وظلت مسيرته وعمره المبارك الذي تجاوز التسعين عاما مشهودا له بالصلاح والتقى حيث يمثل أحد رموز البر والخير والإحسان في مسقط رأسه بريدة وعمل مع رفقاء دربه من رجال الأعمال والمحسنين على إنشاء شبكة خيرية للمعوزين والفقراء والمحتاجين في البوادي والقرى والهجر التي قد لا تستطيع الجمعيات الخيرية أن تصل إليها، كان له وقفات مشهودة مع الجمعيات الخيرية كجمعية البر الخيرية والجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم منذ تأسيسهما في بريدة وعاش مع أقرانه وأصدقائه كالشيخ صالح السلمان والشيخ عبدالله العجاجي وغيرهم على تقديم الخير والمساعدة لكل محتاج.
أما صداقته الحميمة والخاصة التي اطلعت عليها مع الشيخ صالح الراجحي شفاه الله وختم له بخير فهي لا تكاد تنقطع طيلة أكثر من خمسين عاما عاشا خلالها على أجمل ما يكون عليه الأصدقاء وفاء وثقة وتقديرا وعاشا في تعاملاتهما التجارية وصفقات مالية تقدر بمئات الملايين لم تفسد الود بينهما أو تخدش في العلاقة الأخوية الصادقة والاخوة الإسلامية التي ربطتهما طيلة تلك السنين.
ليس سرا أن كل من فكر بعمل خيري أو مساعدة يرغب فيها بالاتصال على الشيخ صالح الراجحي شفاه الله فإنه أسهل طريق للوصول إليه هو الاتصال بصديقه موسى الحمد وكأنه اليد اليمنى لصالح الراجحي والتي كان مفتاحها ويدها الموصلة هي يد موسى الحمد شاهد على الخير والبر.
أما بذل الشيخ موسى الحمد الشخصي ومساهماته الخيرية فلعل أهالي بريدة خصوصا والقصيم عموما يعلمون انه ما رد طالب حاجة ولا اعلم أن مسجدا طلب منه مساعدة إلا وساهم بقليل أو كثير والمساجد التي بناها لا أستطيع حصرها.
ولقد أورد شيخنا محمد العبودي في كتابه الكبير معجم أسر بريدة نماذج من الوقفيات الخيرية المنجزة في حياته - رحمه الله - على جمعية البر يكون ريعها قبل أكثر من ثلاثين عاماً مشيداً بأعماله الخيرية وإسهاماته المباركة.
عرضت عليه شخصيا أمر ثلاثة مساجد ببريدة وجميعها قدم مساعدات لها عينية أو نقدية. أما أقاربه وأصهاره وأنسابه فقد طالهم جميعا خيره وليس هناك شاب من أسرته إلا وساهم بتزويجه مساعدة على عفافه.
لقد رحل الشيخ موسى الحمد رحمه الله بهيئته المهيبة وطوله الفارع وعطره العودي الفاخر وملبسه الأنيق وملامح الطاعة والتقى تظهر في محياه من أول لقيا تشعرك انك تجلس بجوار شخص لا تمتلك إلا ان تحترمه والشاهد على ذلك هي تلك العلاقات الواسعة والمتعددة التي بناها رحمه الله والثقة الكبرى التي منها من قبل عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال.
أما الدرس المهم والكبير في حياة (موسى الحمد) فهو صدقه التجاري الذي أحوج ما نكون إليه في ظل هذا الخداع الذي نعيشه من قبل صغار التجار والمتسلقين على أكتاف الأعمال المراوغين بالحيل والأكاذيب والذين تتساقط رؤوسهم وتتهاوى سيرهم وهم أحياء واحداً تلو الآخر.
لقد ظل الشيح موسى الحمد رحمه الله وقد دخل في مساهمات وتعاملات وسيرته الناصعة وأعماله النزيهة فما عاش إلا عفيفا صادقا مع نفسه ومع من حوله.
إن حياته تحكي قصة طويلة بدأها مع الفقر والعوز والحاجة فكافح وصبر وصابر حتى نقله ربه ومولاه إلى هذه الحياة الرغيدة الكريمة فما تنكر لبلدة وأهله وما جحد فضل الله عليه فكان لسانه طيلة حياته شاكراً مثنياً على ربه بما أنعم به عليه من نعم الرغد والغنى.
أما كرم موسى الحمد رحمه الله فموائده الممدودة ورحلاته البرية التي تمتلئ بما لذ وطاب شاهد على الحياة الكريمة التي يعيشها ويريد أن يعيشها أبناء وطنه.
رحم الله الشيخ موسى الحمد فقد كان صادقا مع ربه وولاة أمره وأهالي بريدة الذين فقدوا فيه أحد رموز الخير الكبرى ليغلق معه بوفاته باب عظيم ظل مفتوحا للخير والإحسان والبر والمعروف أكثر من ستين عاما.
العزاء لأهله وأبنائه وأسرته وذريته وبريدة وأهلها -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-.
d-almushaweh@hotmail.com