Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/09/2010 G Issue 13863
الأحد 03 شوال 1431   العدد  13863
 
إفلاس وسذاجة
عبد الله بن عبد العزيز المعيلي

 

قد يصل أحدهم قمة الهرم سريعاً بفضل جهود مميزة يبذلها، وسعي دؤوب يصر عليه، ومهارات وتمكن وإتقان يحرص على المحافظة عليها، وتجدد وإبداع، هذه بعض من مقومات النجاح، بها يصمد كل من يصل قمة الهرم ويثبت،

ولكن قد يصل أحدهم صدفة أو نتيجة إبهار وبهرجة، أو كما يقال «رمية من غير رام»، ولكن سرعان ما يخبو هذا الوصول ويتراجع، وينحسر عنه بريق الأضواء، واهتمام المعجبين والمتابعين والمادحين، عندئذ يهوي ذاك الذي يعد نفسه ناجحاً على رأسه، فلا تقوم له قائمة.

معلوم أن تحقيق النجاح أمر سهل، لكن الاستمرار في تملك النجاح والثبات عليه أمر صعب جداً، ودونه كما يقال: «خرط القتاد». وخرط القتاد كما هو معروف يدمي اليدين، ولا يقوى عليه إلا الأشداء الأقوياء، الذين لديهم علم تام، ومعرفة أصيلة، وأسلوب مميز، يمكنهم من التعامل الواعي مع خرط أشواك القتاد الصلبة بكفاءة واقتدار، وتحد لا يقبل الهزيمة، ولا يعرف اليأس.

شهر رمضان مضى وانقضى وقد وقر في الأذهان باعتباره شهر صيام وقيام، عبادة وإحسان، شهر يتحرر فيه الإنسان من كثير من عاداته، ويتخلص من همومه وأعباء حياته، ليتفرغ لعباداته وتواصله مع ربه، لكنه غدا عند بعض ملاك الفضائيات مناسبة لحشد ما هب ودب من الأعمال الفنية التي أقل ما يقال عنها أنها رخيصة بلا فائدة، لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، فأضحت هذه القنوات بسبب تهافتها على المسلسلات الاستعراضية مثل زبيل الدلالة، فيها كل ما يشد النظر، ويعجب متتبع المتعة والتسلية، وهدر الوقت وتضييعة، لكن البضاعة التي تعرضها هذه القنوات، وتسوق لها، رخيصة ليست بذات قيمة، أو قدرة على المنافسة والتباهي، تبدو براقة في مظهرها الخارجي، لكنها في الواقع، بلا مضمون، جوهرها سهل التداعي والسقوط من أول ممارسة، إذ سرعان ما ينكشف عورها وزيفها، وتبدو على حقيقتها التافهة، لا تستطيع المقاومة والصمود، عندئذ يتخلى عنها المشدوهون المنبهرون، يعزفون عنها وينصرفون، ويعدون التعامل معها مضيعة للوقت، وإفساد للنفس، فهي لا تستحق الوقوف عندها، فكل مقومات التفوق التي يمكن أن تدعيها وتفاخر بها كونها تجمع بين الإبهار المتكلف، والإثارة المصطنعة، واستعراض مفاتن الجسد، أو تكلف الإضحاك، أما المضمون الجاد المفيد، الذي يحمل هماً ورسالة، فنجوم الثريا أقرب إليها من أن تنال هذا الشرف الرفيع .

لو أجري استفتاء لمعرفة القيمة - أياً كانت - أو الإضافة التي يمكن أن يتحصل عليها المشاهد من «طاش» أو «حليمة» أو «زهرة» أو «عاوزة أتجوز» على سبيل المثال لا الحصر، لتبين حتماً أن هذه الأعمال وأخواتها، ساذجة سامجة مكرورة مملة، خالية تماماً من أي مضمون يعود بالنفع والفائدة على المشاهد، فمثلاً يقول أحد المشاهدين: (توقفت ليلة عند ما سمي «مسلسلات حليمة» بعدما تخلت حليمة عن عاداتها القديمة، وأبدت بعضاً من مظاهر الحشمة والوقار، فوجدته لا يستحق مجرد التفكير في تتبعه، حيث يفتقر إلى أي قيمة، تافه خال من أي معنى، تهدر عليه الكثير من الأموال بلا جدوى أو فائدة، حيث لا يعود على المتصل أو الرائي بأية معلومة ذات قيمة، أو يضيف إليه خبرة ذات مغزى أو وزن).

أما «طاش» فيقول المتابع.. إنه سقط شر سقطة، فشخصياته مكرورة مملة ساذجة سامجة، فقدت بريقها وإثارتها، حتى مضامين الحلقات أضحت مثل «غبيبة المرقوق» باردة، لا يمكن تقبلها، فضلاً عن هضمها، بائتة مطروقة معروفة، ويا ليت أصحابه يعلمون أنهم لم يعودوا يثيرون اهتمام أحد أو متابعته، وأن عليهم أن يتواروا عن الأنظار ويكتفوا بماضيهم الذي كان، حيث تتهاوى الآن أمجاده إن كان له أمجاد أصلاً.

أما مسلسل «زهرة» و»عاوزة...» فيقول المتابع.. إنه مجرد استعراض سافر للحم الأبيض، وتمرير لممارسات غير أخلاقية، إنه مجرد عرض دمى رخيصة، تتحرك بلا معنى ولا مضمون، بلا هدف أو غاية سوى إثارة الغرائز والشهوات.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد