الولايات المتحدة يحلو لأهلها تسميتها بأرض الأحلام، والبلاد التي يستطيع المغامرون تنفيذ مغامراتهم فيها؛ ولهذا فإن الساعين إلى تحقيق الشهرة والثروات لا يترددون في القيام بأي عمل لتحقيق هذين الهدفين اللذين تتراجع تجاههما أية اعتبارات أخرى أخلاقية أو دينية أو سلوكية.

قصص كثيرة سمعنا عنها في بلاد العم سام، وما يقوم به شيطان فلوريدا القس تيري جونز يدخل في هذه اللعبة: تضخيم الشهرة، وكسب الأموال. فهذا (الجونز) قس لمدينة صغيرة أصبحت مشهورة هي وشيطانها في كل أمريكا والبلدان الإسلامية، وجونز الآن شخصية معروفة عند الأمريكيين، بل أصبح الآن من زعماء المتطرفين اليمينيين الذين ينهجون نهج الجمهوريين الجدد، ولا يستغرب أن يطرح اسمه على قائمة مرشحي الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة لتجديد أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين.

فقد ظهر جلياً خلال الأيام الثلاثة التي سبقت موعد تنفيذ جريمته بحرق المصحف أنه أراد من إطلاق تهديداته الإجرامية أن يبقى اسمه يتردد وبكثافة في وسائل الإعلام الأمريكية كافة، التي حوّلته إلى «نجم سينمائي»، وعرضه بصورة متعددة بأسلوب «الشو»، وقبل أن ينتهي عرضه التلفزيوني مدّد المسرحية، وأخذ يقايض وقف جريمته بنقل المركز الإسلامي المزمع إقامته في منطقة «زيرو» في مانهاتن حيث جرى تفجير مركز التجارة الدولية، وأنه ذهب إلى نيويورك ليقابل المسؤولين عن بناء المركز الإسلامي هناك.

بعض وسائل الإعلام الأمريكية سربت خبراً بأن القس جونز ينوي بيع كنيسة غنيسفيل بعد أن تنتهي عروض فصول مسرحيته التي لن يتضرر منها سوى صورة أمريكا وتعرض مصالحها وحياة جنودها للخطر، ليس في أفغانستان والعراق وباكستان فحسب بل في كل أنحاء العالم؛ فالإرهاب يوقظ الإرهاب الآخر، والشياطين يستدعون نظراءهم ليكملوا تنفيذ الجرائم.