العيد بهجة النفوس، وفرح القلوب، وابتهاج الأحاسيس؛ فهو يوم مبارك، أنزله الله سبحانه وتعالى على عباده، وجعلهم في ضيافته وكرمه وجوده، وما زال الناس لهم عادات وتقاليد، تراثيات وموروثات في هذا اليوم السعيد، ويحتفظ الناس بهذه العادات على مر السنين وتطاول الأحقاب؛ فلذتهم وأنسهم في إحياء هذه العادات، وفي أداء هذه الطقوس؛ لأن هذه الطقوس لها مكانة عندهم، فهي عادات الآباء، وتقاليد الأجداد، وموروث الأبناء..
|
ويتحدث الأستاذ محمد رجب السامرائي - حرسه الله ورعاه - في كتابه التحفة عن نوادر هذه التقاليد، وعجائب التراثيات. وعنوان الكتاب (رمضان والعيد.. عادات وتقاليد) ط 1423هـ - 2002م، نادي تراث الإمارات - عمَّره الله -.
|
وقبل تناول هذه التراثيات نشير إلى أجمل الأبيات التي قيلت في التهنئة بالعيد، وهي من موروث الشاعر العربي الأول أشجع، الذي نظم شعراً جميلاً في الترحيب بالعيد والتبريك فيه والتهنئة عليه:
|
لا زلت تنشر أعياداً وتطويها |
تمضي لك بها أيام وتثنيها |
مستقبلاً غرة الدنيا وبهجتها |
أيامها لك نظم في لياليها |
العيد والعيد والأيام بينهما |
موصولة لك لا تفنى وتفنيها |
ولا نقضت بك الدنيا ولا برحت |
يطوي لك الدهر أياماً وتطويها |
ليهنك النصر والأيام مقبلة |
إليك بالفتح معقود نواصيها |
أمست هرقل تدمي من جوانبها |
وناصر الملك والإسلام مدميها |
إن الخليفة سيف لا يجرده |
إلا الذي يملك الدنيا وما فيها |
ما قارع الدين والدنيا عدوهما |
بمثل هارون راعيه وراعيها |
وبعد هذه الأبيات الشعرية في التهنئة بالعيد، والفرح بقدومه، وهي من أجمل أبيات الشعر قاطبة، وقد عدها النقاد كذلك، نعود إلى الأستاذ الفاضل محمد رجب السامرائي ليمتعنا بتراث الأجيال وعاداتها وتقاليدها فيشير إلى ما نحن في شوق إليه:
|
ما لليالي والأيام منقبة |
غراء تسمو بها إلا مساعيكا |
ربي يبقيك ما تبقى على فرح |
كما يلقيك ما تهوى ويعليكا |
لألف فصل كهذا الفصل تبلغه |
باليمن والخير تبليه وينميكا |
ولا تزال لك الأيام موطأة |
تمضي قضاياك منها في أمانيكا |
يقول السامرائي - رعاه الله -: تكاد أن تتشابه صورة العيد في دول الخليج العربي؛ إذ لا تختلف إلا في تفاصيل دقيقة، فأول ما يهتم به الناس هنا صلاة العيد في الأماكن المفتوحة ثم العودة إلى المنازل وتهيئة الأهل لاستقبال المهنئين، وغالباً ما تبدأ زيارة الأقارب والأرحام خاصة بعد الظهر، إذا كانوا يقيمون في أماكن أو مدن أخرى، لكن هناك طقوساً معينة تبدأ فيها الاستعدادات للعيد قبل وصوله، ويختلف الأمر في القرى عن المدن.
|
لقد ابتكر أطفال الإمارات المواقع التي استخدموها في أيام الأعياد؛ لتشاركهم فرحتهم بهذه الأيام السعيدة، فكانوا يأتون بقطعة أنبوب المياه بطول 15 - 20 سم وبقطر 1 سم، بعد أن يثنوا أحد طرفي القطعة؛ حيث تكون مغلقة تماماً، ثم يقومون بثقب القطعة ثقباً صغيراً، ويضعون كمية من البارود (أعواد الثقاب) ويحشون الأنبوب بكمية من القطن والقماش القديم، ثم يضعون في الثقب فتيلاً، وفي المساحة المعروفة بالبراحة يدفنون مدفعهم داخل الأرض، ولا يظهر منه سوى الفتيلة، وما هي إلا لحظات حتى يُسمع صوت واضح في المنطقة لتظهر الفرحة والسرور على وجوه هؤلاء الأولاد.
|
ومن عادات عمان ما يُسمَّى (بالهبطة)، وهي عبارة عن تجمُّع تجاري كبير في الأماكن الواسعة والمفتوحة، تُعرض في أماكن مخصصة فيه المواشي واللحوم التي تباع بالمزاد، وأخرى للملابس والحلوى العمانية المشهورة، ويقام في الحلقة أو (الهبطة) سباقات للهجن والإبل والخيول في الفترة الصباحية. ومن العادات المعروفة في تونس الخضراء إعلان الزواج والخطوبة في يوم العيد للتبرك والفرحة به. ومن عادات العيد في صنعاء اليمن تقبيل الأولاد لركبة أبيهم. ومن عادات العراقيين ما أشار إليه السامرائي بقوله: (تتم الزيارات العائلية عقب تناول فطور صباح الأول من أيام عيد الفطر المكوّن من (القمير) القشطة والمربى، أو الكاهي، أو الجبن الحلو أو البيض المسلوق، ويذهب الأهل لزيارة بيت الجد والجدة والبقاء عندهما لتناول طعام الغداء، ومن ثم القيام بزيارة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء، ويحصل الأطفال على العيدية خلال هذه الزيارات. بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب لركوب دواليب الهواء والمراجيح والفرارات ولشراء بعض الألعاب والأطعمة وهم يؤدون بعض الأغنيات الخاصة وسط احتفالية طفولية بريئة للجميع. في العراق يتغنون في أيام العيد بأغنية: «يا طير غني غني»، وهي لعبة جماعية يرددونها بأصوات عالية:
|
يا طير غني غني - على جناحك طيرني - وديني للبساتين - أشرب ماء - طق طق طق - آكل تين - طق طق طق - فرحني فرحة العيد - لبسني ثوبي الجديد، كما يريد - طق طق طق - بابا يريد - طق طق طق).
|
وأخيراً فالعيد في فلسطين له تقاليده، ومن الأغاني القديمة جداً:
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
والحديث عن العيد وتراثياته حديث مشوق، فيه أنس وظرف، وكل عام وأنتم بألف خير.
|
عنوان المراسلة: ص.ب 54753 - الرياض 11524 - فاكس 2177739 |
|