قال صديق لصديقه ساخراً: ما رأيك في طعم اللقاء؟ فأجابه: ليتك قلت: طعم الوفاء.
قد تروعك أيها القارئ الكريم كلمة (ما بعد الحداثة)، وقد تتساءل ما العلاقة بين الصّداقة والحداثة؟!
تأمّلت في علاقات الناس فوجدت أن بين الأصدقاء هوة عظيمة (لا تنال إلا على جسر من التعب)، فأيقنت أننا في عصر ما بعد الحداثة...
فقلت في نفسي: لابدّ للصديق قبل أن يشغل هذه الوظيفة -وظيفة الصداقة- عليه أن يكون ملمّا ببعض مهارات المهن الآتية:
التّاجر- المهندس- الطّبيب - المزارع - الغواص
- فمهنة التّاجر؛ لينمّي ما بينه وبين صديقه من علاقة، ويزيد من تجارته بمهارة فائقة، وذلك بفتح فروع كثيرة لتقديم خدمات معنوية ومادية يقدّمها له؛ حتى تغدو الصداقة تجارة مشروعة ورابحة.
- ومهنة المهندس؛ ليأخذ منها دقّة الحساب، وهندسة المشاعر؛ لبناء صداقة معمارية محكمة البناء، فسيحة الأرجاء.
- ومهنة الطبيب؛ ليداوي جرح صديقه، وقد يضطر إلى استخدام مبضعته لإجراء عملية جراحية أو استئصال عضو فاسد ( كالغيرة، أو الكسل...).
- ومهنة المزارع؛ ليزرع في صديقه بذور الخير والمحبة، و يتعهّدها بالسقاية والرعاية؛ ليجني منه ثمار البر والمعروف.
- ومهنة الغواص؛ ليغوصَ في أعماق صديقه فيستخرج منه اللؤلؤ المكنون، والدرّ النفيس؛ فينتفع به الناس.
هكذا من التّجارة النماء، ومن الهندسة الدّقة، ومن الطّب الدّواء، ومن الزّرع الغذاء...
فلنبحث عن هذا الصديق ربما نجده في زاوية من زوايا الوجود، فيكون رمزاً للخلود. فهل توافقني أيها القارئ الكريم على ذلك؟ أم تُردد قول الشاعر:
لما رأيت بني الزمان وما بهم
خل وفي للشدائد أصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة
الغول والعنقاء والخل الوفي
وتقول قول الآخر: الصداقة لفظ لا يُرى معناه في هذا الورى.
فهذه دعوة للبحث عن الصداقة فيما بعد الحداثة فمن يعثر على صديق يتحلّى بالصفات الآنفة فهنيئًا له، وما أقلّ ذلك.
al-kho-lood@hotmail.com